كتاب قول الفلاسفة اليونان الوثنيين في توحيد الربوبية

وَقَالَ {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} الْأَنْبِيَاء (35) وَقَالَ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} الذاريات (56) .
وَهَذَا النَّوْع من التَّوْحِيد هُوَ الَّذِي بِسَبَبِهِ قَاتل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكفَّار حَتَّى يقرُّوا بِهِ، فَعَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله فَمن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فقد عصم مني مَاله وَنَفسه إِلَّا بِحقِّهِ وحسابه على الله" 1.
وَهَذَا النَّوْع من التَّوْحِيد هُوَ الْمُسَمّى تَوْحِيد الْعِبَادَة. وَالَّذِي يَعْنِي إخلاص الْعِبَادَة لله وَحده لَا شريك لَهُ. وَالْعِبَادَة مثل: الْخَوْف والرجاء والتوكل أَو الدُّعَاء وَالذّبْح وَالنّذر وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالْحج وَالصِّيَام، وَنَحْو ذَلِك من الْعِبَادَات الَّتِي أَمر الله تَعَالَى بهَا.
وَمن صرف شَيْئا من أَنْوَاع الْعِبَادَة لغير الله فقد أشرك الشّرك الْأَكْبَر، الَّذِي يحبط الْعَمَل من أَصله، كَمَا أَنه يفْسد الْإِيمَان، وَلَا يقبل الله مَعَه صرفا ولاعدلا.
قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} الزمر (65) .
وَقَالَ جلّ وَعلا بعد ذكره للعديد من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} الْأَنْعَام (88) .
وَهُوَ الذَّنب الَّذِي لايغفره الله لمن مَاتَ عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً} النِّسَاء (116) .
__________
1 أخرجه مُسلم. كتاب الْإِيمَان،1/206.

الصفحة 201