كتاب قول الفلاسفة اليونان الوثنيين في توحيد الربوبية

وَالنَّصَارَى مثل سبينوزا الْيَهُودِيّ1.
بَيَان بطلَان قَول الوجوديين من الفلاسفة:
قَول الوجوديين من جنس قَول الْمَلَاحِدَة السَّابِق فِي عدم إِثْبَات وجود لله عز وَجل وجودا متميزاً بِهِ عَن سَائِر الْمَخْلُوقَات، إِلَّا أَن من يسمون بالملاحدة أَنْكَرُوا وجوده جملَة وتفصيلاً، أما هَؤُلَاءِ فقد زَعَمُوا أَن وجود هَذَا الْكَوْن هُوَ وجوده وَهُوَ ذَاته تَعَالَى الله عَن قَوْلهم، وَهُوَ قَول لَا نصيب لَهُ من الْحق وَالْهدى، وأوجه بُطْلَانه هِيَ أوجه بطلَان الَّذِي قبله. وَيُزَاد عَلَيْهَا أَيْضا:
1- أَن هَذَا فِيهِ طعن فِي الله عز وَجل وَسَب لَهُ هُوَ من أقبح الطعْن والسب لَهُ سُبْحَانَهُ حَيْثُ زَعَمُوا أَنه تَعَالَى عَن قَوْلهم هُوَ هَذِه الموجودات بِمَا فِيهَا من طيب وخبيث وَخير وَشر، وجعلوه تَعَالَى عَن قَوْلهم الناكح والمنكوح، والآكل والمأكول، والشارب والمشروب إِلَى غير ذَلِك من الْمعَانِي وَالْأَحْوَال المتضادة والمتناقضة، وَقد عَابَ الله عز وَجل من زعم أَن الله هُوَ الْمَسِيح بن مَرْيَم وكفره قَالَ عز وَجل: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} الْمَائِدَة (72) .
كَمَا عَابَ تبَارك وَتَعَالَى من ادّعى لَهُ الْوَلَد، وَجعل هَذَا القَوْل من أقبح القَوْل وأفسده، واعتبره سُبْحَانَهُ سباً شنيعاً لَهُ، وَلم يكن لِابْنِ آدم أَن يسب الله تبَارك وَتَعَالَى أَو ينتقصه قَالَ عز وَجل {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} مَرْيَم (88-93) .
__________
1 بنيركت أوباروخ سبينوزا يَهُودِيّ هولندي من الْقَائِلين بوحدة الْوُجُود توفّي سنة 1677م. الموسوعة الفلسفية (ص 237) .

الصفحة 211