كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 1)

وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية1 ...
[قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} 2] ... لمَّا قال تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} قال بعده: {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} فإنه قد يخطر ببال أحد خاطر شيطاني: هب أن إلهنا واحد، فلغيرنا إله غيره، فقال تعالى: {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} 3 وقد اعترض صاحب المنتخب4 على النحويين في تقدير الخبر في {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} فقالوا: تقديره لا إله في الوجود إلا الله. فقال: يكون ذلك نفياً لوجود الإله، ومعلوم أن نفي الماهية أقوى في التوحيد الصِّرف من نفي الوجود، فكان إجراء الكلام على ظاهره، والإعراض عن هذا الإضمار أولى5.
وأجاب أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل المرسي6 في ((ري الظمآن)) فقال:
هذا كلام من لا يعرف لسان العرب، فإن ((إله)) في موضع المبتدأ على قول سيبويه، وعند غيره اسم ((لا)) وعلى التقديرين، فلابد من خبر للمبتدأ،
__________
1 التنبيه على مشكلات الهداية، ص (486، 487) تحقيق عبد الحكيم. وسبب النزول هذا أخرجه الإمام البخاري في صحيحه مع الفتح برقم (1643) ومسلم في صحيحه تحت رقم (1277) .
2 سورة البقرة، الآية: 163.
3 ذكر أبو حيان هذا منسوباً إلى صاحب المنتخب. انظر البحر (1/637) .
4 لعله: الحسن بن صافي بن عبد الله الملقب بملك النحاة (ت: 568 ?) ذكر القفطي في مؤلفاته ((المنتخب)) . انظر معجم الأدباء (2/866) ، وإنباه الراوة (1/340) ، وبغية الوعاة (1/504) .
5 نحو هذا الاعتراض في التفسير الكبير (4/157) من غير نسبة. وهو بتمامه في البحر (1/637) منسوباً لصاحب المنتخب.
6 محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل المرسي، العلامة شرف الدين، النحوي الأديب، الزاهد المفسِّر، المحدث الفقيه الأصولي، (ت: 655 ?) . انظر بغية الوعاة (1/144) .

الصفحة 33