كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 1)

وليس المراد هنا ذكر الإعراب، بل المراد دفع الإشكال الوارد على النحاة في ذلك، وبيان أنه من جهة المعتزلة، وهو فاسد؛ فإن قولهم: ((في الوجود)) ليس تقييداً؛ لأن العدم ليس بشيء؛ قال تعالى: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} 1.
ولا يقال: ليس قوله: ((غيره)) كقوله: ((إلا الله)) ؛ لأن ((غيراً)) تعرب بإعراب الاسم الواقع بعد ((إلا)) فيكون التقدير للخبر فيهما واحداً؛ فلهذا ذكرتُ هذا الإشكال وجوابه هنا2.
ذُكر في أسباب النزول أنهم سألوا عن الإيمان فأنزل الله هذه الآية {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} 3 الآيات4.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} 5 إلى أن قال: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} جعل الله مرتكب الكبيرة من المؤمنين فلم يخرج القاتل من الذين آمنوا، وجعله أخاً لولي القصاص، والمراد أخوة الدين بلا ريب6، وقال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا
__________
1 سورة مريم، الآية: 9.
2 شرح العقيدة الطحاوية، ص (73-75) .
3 سورة البقرة، الآية: 177.
4 شرح العقيدة الطحاوية، ص (485) وانظر أسباب النزول للواحدي، ص (49) ، ولباب النقول في أسباب النزول، ص (49) ففيهما أن سبب نزول الآية أنهم سألوا عن البر.
5 سورة البقرة، الآية: 178.
6 انظر الوسيط (1/265) ، وتفسير القرآن للسمعاني (1/174) ، وزاد المسير (1/180) ، والتفسير الكبير (5/47) فقد ذكروا نحو ما قال المؤلف.

الصفحة 35