كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 1)

قال أهل التفسير في قوله تعالى {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} 1 أي مطيعين. قاله الشعبي وعطاء وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وطاوس2.ويشهد لذلك قوله تعالى: {بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} 3 وقوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً} 4 وقوله تعالى: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ} 5 وقوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ} 6 وقوله تعالى {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ} 7.
وقال أيضاً القيام المذكور في الآية ليس المراد به انتصاب القامة، بل المراد به فعل المأمور به، وأن يكون على وجه الطاعة لله، والإمتثال لأمره، فإن الرجل يقوم بأشياء ويكون هو قائم بأمر على وجه الطاعة تارة، وعلى وجه المعصية أخرى فأمروا أن يقوموا لله بما أمرهم به حال كونهم طائعين ... ويحتمل أن يكون المراد بالقيام لله في الآية الصلاة بخصوصها8، ويكون المعنى: {حَافِظُوا
__________
1 سورة البقرة، الآية: 238.
2 أخرج ذلك الإمام الطبري عنهم في جامع البيان (5/230، 231) . والأسانيد إلى الشعبي وعطاء وقتادة وطاوس رجالها ثقات. وهذا القول ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما. انظر جامع البيان (5/ 229) .
3 سورة البقرة، الآية: 116.
4 سورة النحل، الآية: 120.
5 سورة التحريم، الآية: 5.
6 سورة الأحزاب، الآية: 35.
7 سورة النساء، الآية: 34. وهذا التفسير في التنبيه على مشكلات الهداية، ص (259) تحقيق عبد الحكيم.
8 ذكر هذا القول أبو حيان في البحر المحيط (2/251) والأقوال في معنى ((قانتين)) كثيرة جداً، انظرها في التفسير الكبير (6/130، 131) ، والجامع لأحكام القرآن (3/213، 214) ، والبحر المحيط (2/251) وأشهرها قولان: 1- القنوت الطاعة.2- القنوت السكوت. قال أبو جعفر النحاس بعد أن ذكر القولين: "هذان القولان يرجعان إلى شيء واحد؛ لأن السكوت في الصلاة طاعة" عاني القرآن الكريم (1/240) .

الصفحة 40