كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 1)

الأَرْضِ} 1 لكمال علمه، وقوله تعالى: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} 2 لكمال قدرته. {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} لكمال حياته وقيُّوميته. {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} 3لكمال جلاله وعظمته وكبريائه، وإلاَّ فالنفي الصِّرف لا مدح فيه، ألا يُرى أن قول الشاعر4:
قُبَيِّلةٌ لا يَغْدِرُونَ بذمةٍ ... ولا يَظْلِمُونَ النَّاس حَبَّةّ خَرْدَلِ
لمَّا اقترن بنفي الغدر والظلم عنهم ما ذكره قبل هذا البيت وبعده، وتصغيرهم بقوله ((قُبيِّلة)) عُلم أن المراد عجزهم وضعفهم، لا كمال قدرتهم. وقول الآخر5:
لَكِنَّ قّوْمِي وإنْ كَانُوا ذَوِي عَدَدٍ ... لَيْسُوا مِنَ الشَّرِّ في شَيءٍ وإنْ هَانَا
لما اقترن بنفي الشر عنهم ما يدل على ذمهم، عُلم أن المرادعجزهم وضعفهم أيضاً6.
واعلم أن هذين الاسمين أعني: الحي القيوم مذكوران في القرآن معاً في ثلاث سور7 كما تقدم، وهما من أعظم أسماء الله الحسنى، حتى قيل: إنهما
__________
1 سورة سبأ، الآية: 3.
2 سورة ق، الآية: 38.
3 سورة الأنعام، الآية: 103.
4 هو النجاشي: قيس بن عمرو بن مالك، أصله من نجران، رُوي أنه كان ضعيفاً في دينه (ت: نحو40?) . انظر خزانة الأدب (4/76) ، والأعلام (5/207) . والبيت من قصيدة هجا بها قيسٌ ابن أُبي بن مقبل من بني العجلان. انظر خزانة الأدب (1/231، 232) .
5 قال في خزانة الأدب (7/441) : إن البيت لقُرَيْط بن أُنيف العنبري. والبيت أيضاً في مغني اللبيب (1/257) .
6 شرح العقيدة الطحاوية، ص (68، 69) ، وانظر أيضاً، ص (89) .
7 سورة البقرة في الآية (255) وفي سورة آل عمران، الآية (2) وفي سورة طه، الآية (111) .

الصفحة 42