كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 1)

الاسم الأعظم1، فإنهما يتضمنان إثبات صفات الكمال أكمل تضمن وأصدقه، ويدل القيوم على معنى الأزلية، والأبدية2 ما لا يدل عليه لفظ القديم، ويدل أيضاً على كونه موجوداً بنفسه، وهو معنى كونه واجب الوجود.
و ((القيوم)) أبلغ من ((القيام)) ؛ لأن الواو أقوى من الألف، ويفيد قيامه بنفسه، باتفاق المفسرين وأهل اللغة3، وهو معلوم بالضرورة.
وهل تفيد إقامته لغيره وقيامه عليه؟ فيه قولان. أصحهما: أنه يفيد ذلك4، وهو يُفيد دوام قيامه وكمال قيامه؛ لما فيه من المبالغة، فهو سبحانه لا يزول، ولا يأفل5؛ فإن الآفل قد زال قطعاً، أي: لا يغيب، ولا ينقص، ولا يفنى، ولا يَعْدَمُ، بل هو الدائم الباقي الذي لم يزل ولا يزال موصوفاً بصفات الكمال.
واقترانه بالحي يستلزم سائر صفات الكمال، ويدل على بقائها ودوامها، وانتفاء النقص والعدم عنها أزلاً وأبداً؛ ولهذا كان قوله: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ
__________
1 انظر التفسير الكبير (7/4، 5) ، والجامع لأحكام القرآن (3/271) .
2 انظر مجاز القرآن (1/78) ، وتفسير ابن أبي حاتم (2/28) .
3 ذكر طائفة من المفسرين وأهل اللغة نحو ما قاله المؤلف هنا، من أن القيوم يفيد قيامه بنفسه، وبعضهم يقول: هو القائم على كل نفس بما كسبت، أو هو القائم بتدبير أمر الخلق، وهذا يستلزم الأول، ولم يذكروا في ذلك خلافاً، مما يفيد صحة الاتفاق الذي ذكره المؤلف. انظر على سبيل المثال: جامع البيان (5/388) ، ومعاني القرآن وإعرابه (1/336، 337) ، وتفسير ابن أبي حاتم (2/25،26) ، وتهذيب اللغة (9/360) ، وتفسير القرآن للسمعاني (1/257) ، والمفردات، ص (417) ، وتفسير القرآن لأبي الليث (1/222) ، ومعالم التنزيل (1/238) ، والنكت والعيون (1/323) .
4 لم أر فيما اطلعت عليه مَنْ حكى خلافاً في أن ((القيوم)) يفيد إقامته لغيره.
5 الأفول الغياب، وقد فسره المؤلف بذلك، ومنه قوله تعالى: {فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ} . انظر غريب القرآن وتفسيره لليزيدي، ص (138) .

الصفحة 43