كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 1)

صاروا إليه إلاَّ بعد أن ظهر لهم بطلانه1.
[قوله تعالى:] {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} 2 فأهانهم بترك تكليمهم، والمراد: أنه لا يكلمهم تكليم تكريم، هو3 الصحيح4؛ إذ قد أخبر في الآية الآخرى أنه يقول لهم في النار {قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} 5 فلو كان لا يكلم عباده المؤمنين، لكانوا في ذلك هم وأعداؤه سواء، ولم يكن في تخصيص أعدائه بأنه لا يكلمهم فائدة أصلاً6.
... وإنما تكون (من) للتبعيض إذا صلح في موضعها (بعض) كما في قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} 7 فإنه يصح في موضعها بعض،
__________
1 التنبيه على مشكلات الهداية، ص (221، 222) تحقيق أنور. وانظر تفسير القرآن لعبد الرزاق الصنعاني (1/ 123) ، وجامع البيان (6/ 507) ، وتفسير ابن أبي حاتم (2/ 339، 340) تحقيق د. حكمت. تجد في هذه المؤلفات ما ذكره المؤلف هنا.
2 سورة آل عمران، الآية: 77.
3 هكذا في النسخة المحققة التي بين يدي، ولعل الصواب: "وهو الصحيح" وقد أثبت الشيخ أحمد شاكر الواو بين قوسين. انظر تحقيقه لشرح العقيدة الطحاوية، ص (115) .
4 بهذا القول فسر الإمام الطبري الآية. انظر جامع البيان (6/528) ، وكذلك الواحدي في الوسيط (1/453) ، وابن كثير في تفسيره (1/376) ، والبغوي في معالم التنزيل (1/319) قدمه في الذكر وحكى معه قولاً آخر بلفظ قيل. وهذا القول كما ترى من القوة بمكان. وهناك أقوال أُخر في معنى الآية: انظرها إن شئت في: بحر العلوم (1/279) ، والتفسير الكبير (8/93) ، ومحاسن التأويل (2/78) .
5 سورة المؤمنون، الآية: 108.
6 شرح العقيدة الطحاوية، ص (178) .
7 سورة آل عمران، الآية: 92.

الصفحة 52