كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 1)

قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} والمراد بالرد إلى الله الرد إلى كتابه، وبالرد إلى الرسول الرد إليه في حياته، وإلى سنته بعد وفاته1.
... قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} 2 أقسم سبحانه بنفسه أنهم لا يؤمنون حتى يُحكِّموا نبيه، ويرضوا بحكمه، ويسلموا تسليماً3.
... قال تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} 4 ... فإن قيل: كيف الجمع بين قوله: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} ، وبين قوله: {فَمِنْ نَفْسِكَ} ؟. قيل: قوله: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} الخِصب والجدب، والنصر والهزيمة، كلها من عند الله، وقوله: {فَمِنْ نَفْسِكَ} : أي ما أصابك من سيئة من الله فبذنب نفسك عقوبة لك، كما قال: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} 5 يدل على ذلك ما
__________
1 التنبيه على مشكلات الهداية، ص (544، 545) (تحقيق أنور) ، والاتباع، ص (31) وهذا التفسير قاله الطبري في جامع البيان (8/504، 505) وأسنده إلى بعض التابعين.
2 سورة النساء، الآية: 65.
3 شرح العقيدة الطحاوية، ص (242) ، ومعنى ما قال المؤلف هنا في كثير من كتب التفسير، منها تفسير القرآن العظيم (1/521) ، والجواهر الحسان (1/461) ، وبدائع التفسير (2/32) .
4 سورة النساء، الآية: 78، 79.
5 سورة الشورى، الآية 30.

الصفحة 58