كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 1)

__________
الأحاديث بالنقد. وهذه الاعتراضات العشرة أكثرها من كلام المعتزلة، كما في نقل الرازي عنهم في التفسير الكبير (15/39-41) ومن قبله نقل أبو الليث في بحر العلوم (1/580) إلا أنه لم يصرح أن المخالف هم المعتزلة.
والحق في تفسير الآية هو ما ذهب إليه أهل الأثر؛ للأسباب التالية:
1- أن هذا التفسير قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن طعن في رواية ابن عباس المرفوعة فقوله مرجوح، كما ذُكر ذلك عند تخريج الحديث، بل قد قال ابن عطية: "تواترت الأحاديث في تفسير هذه الآية عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق عمر رضي الله عنه، وعبد الله بن عباس وغيرهما" المحرر الوجيز (7/198، 199) . وقال أبو جعفر النحاس في معاني القرآن (3/101) : "أحسن ما قيل في هذا ما تواترت به الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله جل وعز مسح ظهر آدم، فأخرج منه ذريته أمثال الذر، فأخذ عليهم الميثاق") . وقد أشار إلى تواتر الحديث تواتراً معنوياً العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (4/162) ولهذا هاب ابن عطية مخالفة الأحاديث، وليت الإمام ابن القيم فعل مثله، لا سيما وأنه من شيوخ أهل الأثر المتأخرين.
2- أن التفسير بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو مذهب أهل الحديث وكبراء أهل العلم، كما نقل ذلك ابن القيم في كتاب الروح، ص (163) ، بل هو قول جمهور المفسرين. انظر النكت والعيون (2/278) ، والوسيط (2/425) ، ولباب التأويل (2/310) ، والروح، ص (163) .
3- لا تعارض ببن آية أخذ الميثاق وبين الحديث الثابت في تفسيرها، وما قد يظهر فيه من تعارض أجاب عنه العلماء، كما نقل ذلك ابن القيم نفسه عن ابن الأنباري وغيره في كتاب الروح، ص (163) ، وكذلك أجاب الرازي عن بعض الإشكالات في التفسير الكبير (15/42، 43) ، والشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (4/161-163) .
4- تتابعت أقوال العلماء في الرد على من رد هذا التفسير، ومنهم أبو الليث في تفسير القرآن (1/580-582) ، والرازي في التفسير الكبير (15/42-43) ، والخازن في لباب التأويل (2/310) ، والشوكاني في فتح القدير (2/276) ، والهندي في فتح البيان
(3/452-454) .

الصفحة 86