كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 1)

… قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} 1 ... والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار هم الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا، وأهل بيعة الرضوان كلهم منهم2، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة.
وقيل: إن السابقين الأولين من صلى إلى القبلتين، وهذا ضعيف، فإن الصلاة إلى القبلة المنسوخة ليس بمجرده فضيلة؛ لأن النسخ ليس من فعلهم، ولم يدل على التفضيل به دليل شرعي، كما دل على التفضيل بالسبق إلى الإنفاق والجهاد والمبايعة التي كانت تحت الشجرة3.
… قال تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ …} 4 وأمّا ما5 رواه الفقيه أبو
__________
1 سورة التوبة، الآية: 100.
2 ما قال المؤلف قوي جداً؛ لأنه قد جمع بين الأقوال المشهورة التي جاءت عن المتقدمين، وهي: 1- من أدرك بيعة الرضوان 2- أهل بدر 3- من صلى القبلتين. انظر جامع البيان (14/435، 436) ، وتفسير ابن أبي حاتم (6/1868) ، ومعاني القرآن الكريم (3/247، 248) ، وتفسير القرآن للسمعاني (2/341، 342) . وقد قال الشوكاني بعد أن ذكر الأقوال الثلاثة: ولا مانع من حمل الآية على هذه الأصناف كلها. فتح القدير (2/416) ، وتابعه على ذلك الهندي في فتح البيان (4/186) . قلت: هو معنى كلام المؤلف.
3 شرح العقيدة الطحاوية، ص (689، 690، 692) .
4 سورة التوبة، الآية: 124.
5 هذا قاله بعد ما ذكر الأدلة على زيادة الإيمان ونقصانه، ومنها الآية المذكورة.

الصفحة 92