كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 1)

سورة هود
... قال تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} 1 أي: يتقدمهم2، ويستعمل منه الفعل لازماً ومتعدياً3، كما يُقال: أخذني ما قدم وما حدث، ويقال: هذا قدم هذا وهو يقدمه، ومنه سُمِّيت القدم قدماً؛ لأنها تقدم بقية بدن الإنسان4.
قال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} 5 أي: غير مقطوع6، ولا يُنافي ذلك قوله: {إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ} .
واختلف السلف في هذا الاستثناء: فقيل: معناه إلا مدة مكثهم في النار، وهذا يكون لمن دخل منهم إلى النار ثم أُخرج منها، لا لكلِّهم. وقيل: إلا مدة مقامهم في الموقف. وقيل: إلا مدة مقامهم في القبور والموقف. وقيل: هو استثناء استثناه الرب ولا يفعله، كما تقول: والله لأضربنك إلا أن أرى غير ذلك، وأنت لا تراه، بل تجزم بضربه.
__________
1 سورة هود، الآية: 98.
2 بهذا فسر الزجاج الآية في معاني القرآن وإعرابه (3/76) ، والنحاس في إعراب القرآن
(2/300) ، والزمخشري في الكشاف (2/291) .
3 انظر تهذيب اللغة (9/49) ، ولسان العرب (11/65) "قدم" ففيهما ما يدل لقول المؤلف.
4 شرح العقيدة الطحاوية، ص (77، 78) . وقوله: "ومنه سميت القدم ... الخ" ذكر نحوه ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (5/66) "قدم".
5 سورة هود، الآية:108.
6 ثبت هذا التفسير عن ابن عباس وقتادة. انظر جامع البيان (15/490) . وبهذا فسَّره أبو عبيدة وغيره. انظر مجاز القرآن (1/99) ، وغريب القرآن وتفسيره لليزيدي، ص (178) .

الصفحة 98