كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 2)

لم يقولوا: إن العالَم له صانعان، بل جعلوا معه آلهة اتخذوهم شفعاء، وقالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ الاّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} 1.
قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ الاّ خَسَاراً} 2 و (من) في قوله: {مِنَ الْقُرْآنِ} لبيان الجنس، لا للتبعيض3.
__________
1 سورة الزمر، الآية: 3. وتفسير المؤلف لهذه الآية في شرح العقيدة الطحاوية، ص (41، 42) ويبدوا أن المؤلف أخذ تفسير هذه الآية، وما ذكر فيها من ترجيح من بعض كتب شيخ الإسلام ابن تيمية. انظر مجموع الفتاوى (16/122، 124، 577) فإن فيها نحو هذا التفسير والترجيح. وقد نقل الإمام ابن القيم عن شيخ الإسلام تفسير هذه الآية وترجيح قول قتادة بثلاثة مرجحات. انظر بدائع التفسير (3/79، 80) . وقد تجد من يرجح القول الآخر. انظر تفسير القرآن للسمعاني (3/243) ، وإرشاد العقل السليم (5/174) ، وفتح القدير (3/236) إلا أن المتأمل في أدلة شيخ الإسلام يجدها أقوى، يضاف إلى ذلك ثبوته عن قتادة. وأما القول الآخر فلم يثبت عن سعيد بن جبير ـ كما قال شيخ الإسلام ـ ثم هو قول أصحاب الكلام، نقله عنهم ابن عطية. انظر مجموع الفتاوى (16/122) ، والمحرر الوجيز (10/299) .
2 سورة الإسراء، الآية: 82.
3 شرح العقيدة الطحاوية، ص (363) وما ذكره المؤلف في معنى (من) هو أحد الأقوال. انظر الكشاف (2/463) ، والتبيان (2/830) ، والدر المصون (7/402، 403) . ولعل المؤلف أخذ هذا القول في معنى (من) من الجواب الكافي للإمام ابن القيم، ص (4) فإنه قال: (ومن هنا لبيان الجنس، لا للتبعيض، فإن القرآن كله شفاء كما قال في الآية المتقدمة) ويعني بالآية المتقدمة قوله تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ} الآية 44 من سورة فصلت. وقد يُنازع الإمام ابن القيم في هذا الاحتجاج فإن الآية دلت على أنه هدى لفريق من الناس وهم المؤمنون. وقد أساء يسري السيد في بدائع التفسير (3/100) عندما تدخل في كلام ابن القيم فكتب الآية (57) من سورة يونس، بدلا من الآية 44 من سورة فصلت، ولا شك أنها أدل على المقصود، ولكن ابن القيم لم يشر إليها.
سورة الكهف
قوله تعالى: {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} 4 أي: يعلوه5.
__________
4 سورة الكهف، الآية: 97.
5 شرح العقيدة الطحاوية، ص (377) وبهذا فسر علماء غريب القرآن ومعانيه ـ فيما رأيت ـ منهم أبو عبيدة في مجاز القرآن (1/415) ، واليزيدي في غريب القرآن وتفسيره، ص (235) ، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن، ص (271) ، والزجاج في معاني القرآن (3/312) .

الصفحة 14