كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 2)

سورة مريم
قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا} 1 اختلف المفسرون في المراد بالورود المذكور ما هو؟ والأظهر والأقوى أنه المرور على الصراط2، قال تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً} 3. وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده، لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة" قالت حفصة: فقلت: يا رسول الله، أليس الله يقول: {وَإِنْ مِنْكُمْ الاّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً} فقال:"ألم تسمعيه" قال: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً} 4. أشار صلى الله عليه وسلم إلى أن ورود
__________
1 سورة مريم، الآية: 71.
2 انظر الأقوال الأُخر في معاني القرآن الكريم (4/347-350) ، وتفسير القرآن للسمعاني (3/306-308) ، وزاد المسير (5/255-257) وقد اختار ما رجحه المؤلف جماعة من العلماء منهم ابن جرير في جامع البيان (18/234) ، والسمعاني في تفسير القرآن (3/308) ، وشيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (4/279) ، والشوكاني في فتح القدير (3/347) ومما يؤيد هذا القول ما أخرجه الترمذي في جامعه برقم (3159) ، والدارمي برقم (2810) والحاكم (2/407) عن السُّدي قال: سألت مرة الهمداني عن قول الله عز وجل: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا} فحدثني أن عبد الله بن مسعود حدثهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يرد الناس النار ثم يصدرون منها بأعمالهم، فأولهم كلمح البرق، ثم كالريح.) الحديث. قال الحاكم: هذا حديث صحيح عل شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
3 سورة مريم، الآية: 72.
4 أخرجه مسلم في صحيحه برقم (2496) من حديث جابر. وقد تابع المؤلفُ شيخ الإسلام في الاحتجاج بهذا الحديث على أن الورود هو المرور على الصراط. انظر مجموع الفتاوى (4/279) .

الصفحة 15