كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 2)

سورة المؤمنون
قوله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} 1معنى الآية: أحسن المصوِّرين المقدرين، والخلق يذكر ويُراد به التقدير2، وهو المراد هنا، بدليل قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} 3 أي: خالق كل شيء مخلوق، فدخلت أفعال العباد في عموم (كل) 4.
قوله تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} 5 (زبراً) أي: كتباً6.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} 7 في المسند والترمذي، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قلت: يا رسول الله {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} أهو
الذي يزني ويشرب الخمر ويسرق؟
__________
1 سورة المؤمنون، الآية: 14.
2 انظر الوسيط (3/286) ، وتفسير القرآن للسمعاني (3/467) ، ومعالم التنزيل (3/304) ، وزاد المسير (5/463) فقد ذكر أصحاب هذه المؤلفات هذا التفسير.
3 سورة الرعد، الآية: 16.
4 شرح العقيدة الطحاوية، ص (643) . والذي فهمته من ربط المؤلف لآية الرعد بالآية التي في سورة المؤمنين، وجعله الخلق بمعنى التقدير، أنه يريد الخروج من إلزام المعتزلة لأهل السنة بأن العبد خالق لأفعاله بدليل {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} فلو لم يكن العباد يخلقون، لما قال {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} انظر التفسير الكبير (23/75) ففيه ما يفيد ما ذكرت، وفيه الرد على المعتزلة بردين أحدهما ما ذكر المؤلف هنا.
5 سورة المؤمنون، الآية: 53.
6 هذا التفسير في كتاب الاتباع لابن أبي العز، ص (21) ، وتفسير الزُبُر بالكتب أخرجه عبد الرزاق في تفسير القرآن (2/46) عن قتادة بإسناد صحيح. بل نقل الطبري في جامع البيان (19/42) إجماع المفسرين على ذلك.
7 سورة المؤمنون، الآية: 60.

الصفحة 18