كتاب الورقات فيما يختلف فيه الرجال والنساء

وقبل البدء في سرد الأدلة أرى أنه لابد من تحرير محل النزاع فأقول لا يخلوا الحال من أن يأذن لها الزوج بالصدقة أو أن ينهاها عن الصدقة أو أن لا يأذن لها ولا ينهاها.
فإن أذن لها فلا خلاف هنا في الجواز.
وإن نهاها فلا خلاف أيضاً في التحريم.
أما إن لم يأذن لها صراحة ولم ينهها ولم تعرف من طبعه موافقته لها على الصدقة أو مخالفته فهنا محل النزاع وعلى هذا تُنَزَّل الأدلة.
أدلة القول الأول:
1- ما روى الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أطعمت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة، لها أجرها وله مثله، … له بما اكتسب، ولها بما أنفقت" 1 وله ألفاظ أُخرى متقاربه.
قال ابن قدامة: ولم يذكر إذناً 2.
قلت: ومما يؤكد أن هذا الإذن لها في الصدقة يكون في حالة عدم الاستئذان من الزوج قوله صلى الله عليه وسلم: "غير مفسدة " إذ يفهم منه أن تصرفها مع عدم أخذ الإذن يكون في الشيء القليل الذي لا يؤدي إلى إفساد مال الزوج وإلا لو كان هذا مع أخذ إذنه ما قُيِّدَ بعدم الإفساد لأن له أن يتصدق بماله كله:
2- ما روى الشيخان من حديث أسماء أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "يا رسول الله ليس لي شيء إلا ما أدخل عليّ الزبير فهل علىَّ جناح أن أرضخ
__________
1 صحيح البخاري مع الفتح 3/303، في الزكاة باب أجر المرأة إذا تصدقت:.. حديث 1440، صحيح مسلم 2/710 في الزكاة باب أجر الخازن والمرأة:..حديث 1024.
2 المغني 6/605 0

الصفحة 191