كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 2)

سورة القصص
[قوله تعالى:] {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأَيْمَنِ} 1 النداء هو الكلام من بعد، فسمع موسى عليه السلام النداء من حافة الوادي، ثم قال: {فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ} أي: أن النداء كان في البقعة المباركة من عند الشجرة2، كما تقول: سمعت كلام زيد من البيت، يكون (من البيت) لابتداء الغاية3، لا أن البيت هو المتكلم، ولو كان الكلام مخلوقاً في الشجرة4 لكانت الشجرة هي القائلة: {يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} 5.
قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاّ وَجْهَه} 6 فمن كلامهم أن المراد كل شيء مما كتب الله عليه الفناء والهلاك هالك7،والجنة والنار خلقتا للبقاء
__________
1 سورة القصص، الآية: 30.
2 أخرج هذا التفسير ابن جرير في جامع البيان (19/573) عن قتادة بإسناد صحيح. وجعله الواحدي في الوسيط (3/398) أحد الاحتمالين.
3 ذكره الألوسي وجهاً. انظر روح المعاني (20/73) .
4 كما تقول المعتزلة. انظر متشابه القرآن لعبد الجبار، ص (545) ، ونسب هذا القول إليهم ـ أيضاً السمعاني في تفسير القرآن (4/137) ، وهو في التفسير الكبير (24/209) منسوب إليهم. والعجب كل العجب كيف تورط الماوردي في هذا القول الباطل. انظر النكت والعيون (4/251) . وهذا مما دعا ابن الصلاح إلى اتهام الماوردي بالاعتزال. انظر سير أعلام النبلاء (18/67) .
5 شرح العقيدة الطحاوية، ص (182، 183) .
6 سورة القصص، الآية: 88.
7 نحو هذا في التفسير الكبير (25/20) ، وفي غرائب القرآن للنيسابوري (20/73) ، وروح المعاني (20/131) .

الصفحة 25