كتاب حقيقة الإقالة دراسة نظرية تطبيقية

وقال النووي1 بعد أن ذكر أن الإقالة فسخ للعقد على القول الصحيح "قال أصحابنا ولا تصح إلا بحضور المتعاقدين، هذا هو المذهب وبه قطع الجماهير" 2.
وذكر ابن رجب أنها تصح ولو لم يحضر العاقدان في مجلس واحد، جاء في تقرير القواعد: "ولو تقايلا مع غيبة أحدهما بأن طلبت منه الإقالة فدخل الدار وقال على الفور أقلتك، فإن قلنا هي فسخ صح، وإن قلنا هي بيع لم يصح"3.
والذي يظهر لي أن القول بعدم اشتراط اتحاد مجلس الإقالة أولى للاعتبارات الآتية:
أ- أن الفسخ رفع عقد كالطلاق فلا يتوقف على الحضور.
ب- أن الفسوخ يغتفر فيها مالا يغتفر في غيرها، فلا يشترط اتحاد المجلس.
ج- أن الشارع لم يعتبر جواز الفسخ بحضورهما في مجلس واحد، وإنما برضاهما، والرضا يتحقق ولو مع عدم اتحاد المجلس. والله أعلم.
4- أن تكون بمثل الثمن الأول: وذلك لأن الإقالة فسخ، والفسخ لا يقتضي عوضا زائداً، ومقتضى الإقالة رد الأمر إلى ما كان العاقدان عليه قبلها ولا يتحقق ذلك إلا برجوع كل منهما إلى ما كان له قبلها4، ولأن فيها
__________
1 النووي: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي الدمشقي من كبار فقهاء الشافعية ومن البارزين في علم الحديث توفى سنة 676هـ. له ترجمة في طبقات الشافعية للسبكي: 5/166، وطبقات الشافعية للاسنوي ص: 407.
2 المجموع شرح المهذب للنووي: 9/188.
3 تقرير القواعد لابن رجب: 3/315، وينظر المجموع شرح المهذب للنووي: 9/188.
4 ينظر المغني لابن قدامة: 6/201، ومعونة أولي النهى لابن النجار: 4/187، والإنصاف للمرداوي: 4/476، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي: 3/551، والتهذيب للبغوي: 3/491، وروضة الطالبين للنووي: 3/494، وبدائع الصنائع للكاساني: 5/306، وتبيين الحقائق للزيلعي: 4/72، والنقاية للمحبوبي: 2/352، وفتح القدير لابن الهمام: 6/114.

الصفحة 275