كتاب حقيقة الإقالة دراسة نظرية تطبيقية

وعلى القول بأن الإقالة بيع يثبت خيار المجلس في الإقالة، ويحق له الرجوع عن الإقالة، وهو ما ذهب إليه الشافعية في أحد الوجهين 1، والحنابلة في قول عندهم2، والظاهرية 3، وذلك نظراً لثبوته عندهم في عقد البيع، لما رواه حكيم بن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا)) متفق عليه4، فيكون للمتقايلين حق الرجوع عنها مادام في مجلسهما، ولم يتفرقا عنه بأبدانهما5.
وبناء على ما رجحته من أن الإقالة فسخ؛ فإنه لا يحق لمن أقال أن يرجع عن الإقالة، لأن العقد إذا ارتفع لا يمكن أن يعود إلا بتراضيهما وحدوث عقد جديد، ولأن خيار المجلس لم يشرع إلا لإعطاء العاقدين مهلة للنظر والتروي قبل الإقدام على العقد والالتزام به، وهذا بخلاف الإقالة، لأن المقيل متبرع وباذل معروف، فلا يحتاج مهلة لإعادة النظر. والله أعلم.
__________
1 ينظر شرح الوجيز للرافعي: 4/172، وروضة الطالبين للنووي: 3/435، والاشباه والنظائر للسيوطي ص: 313، والمنثور في القواعد للزركشي: 3/44.
والوجه الثاني عند الشافعية أنه لا يثبت فيها الخيار حتى على القول بأنها بيع لأنها ليست على قاعدة المعاوضات. ينظر المجموع شرح المهذب للنووي: 8/164.
2 ينظر تقرير القواعد لابن رجب: 3/317، والإنصاف للمرداوي: 4/477.
3 ينظر المحلى لابن حزم: 9/610.
4 أخرجه البخاري في صحيحه:3/18باب» البيعان بالخيار مالم يتفرقا «ومسلم في صحيحه: 3/21 رقم الحديث (1532) .
5 الحنفية والمالكية عدا ابن حبيب والسيوري وعبد الحميد الصائغ وابن عبد البر لا يقولون بثبوت خيار المجلس فيها نظراً لعدم ثبوته عندهم في عقد البيع. ينظر في مذهب الحنفية: مختصر الطحاوي ص: 74، وفتح القدير لابن الهمام: 5/464، والاختيار لتعليل المختار للموصلي: 2/5، وينظر للمالكية: الكافي لابن عبد البر:2/701، وبداية المجتهد لابن رشد:2/128، وبلغة السالك للصاوي 2/46، ومواهب الجليل للحطاب:4/409.

الصفحة 285