كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 2)

سورة غافر
قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} 1قد فُسِّر قوله: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} بالدعاء الذي هو العبادة، والدعاء الذي هو الطلب2، وقول-هـ بعد ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} يؤيد المعنى الأول3.
قوله تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 4 الباء باء السبب5، أي: بسبب عملكم، والله تعالى هو خالق الأسباب والمسببات، فرجع الكل إلى محض فضل الله ورحمته6.
__________
1 سورة غافر، الآية: 60.
2 ذكر القولين طائفة من المفسرين: منهم أبو الليث في تفسير القرآن (3/172) ، والبغوي في معالم التنزيل (4/103) ، وابن الجوزي في زاد المسير (7/234) ، والرازي في التفسير الكبير (27/70) ، والقرطبي في الجامع (15/326) وقال: إنه قول أكثر المفسرين. وقال شيخ الإسلام ـ في مجموع الفتاوى (15/12) ، بعد أن ذكر القولين ـ: (فالدعاء يتضمن النوعين، وهو في دعاء العبادة أظهر؛ ولهذا أعقبه {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} ) .
قلت: وقوله: {أَسْتَجِبْ لَكُمْ} يؤيد قول من قال: الدعاء هو الطلب. إلا أنه قد أُجيب عنه بأنه لما عبّر عن العبادة بالدعاء جعل الإثابة استجابة ليتجانس اللفظ. انظر الوسيط (4/20) ، ومعالم التنزيل (4/103) .
3 انظر شرح العقيدة الطحاوية، ص (682) . وهذا الذي رجح به المؤلف وقبله شيخ الإسلام قد سبقهما إليه الواحدي. انظر الوسيط (4/20) .
4 سورة السجدة، الآية: 17. وجاءت هنا سهوا، وموضعها ص (27) .
5 انظر فتح القدير (4/491) ، وفتح البيان (8/323) ، والتحرير والتنوير (24/263) .
6 انظر شرح العقيدة الطحاوية، ص (643) .

الصفحة 35