كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 2)

سورة فصلت
قال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ} 1 فهو - وإن كان هدى وشفاء مطلقاً - لكن لما كان المنتفع بذلك هم المؤمنين، خُصوا بالذكر2.
قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} 3 أي: القرآن 4، فإن-هـ هو المتقدم في قول-هـ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} 5 ثم قال: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} فشهد - سبحانه - لرسوله بقوله: إن ما جاء به حق، ووعد أن يُري العباد من آياته الفعلية الخلقية ما يشهد بذلك أيضاً، ثم ذكر ما هو أعظم من ذلك كله وأجل، وهو شهادته - سبحانه - على كل شيء، فإن من أسمائه (الشهيد) الذي لا يغيب عنه شيء، ولا يعزب عنه، بل هو مطلع على كل شيء مشاهد له، عليم بتفاصيله6.
__________
1 سورة فصلت، الآية: 44.
2 شرح العقيدة الطحاوية، ص (7) .
3 سورة فصلت، الآية:53.
4 هو أحد الأقوال في هاء الكناية. انظر النكت والعيون (5/189) ، وتفسير القرآن للسمعاني (5/61) ، ومعالم التنزيل (4/118) ، والجامع لأحكام القرآن (15/375) . وعلى هذا القول اقتصر طائفة من المفسرين، منهم الواحدي في الوسيط (4/41) ، وأبو حيان في البحر (7/483) ، وبرهان الدين البقاعي في نظم الدرر (17/226) . وبه فسّر شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (3/231) وخطأ قول من قال: إن هاء الكناية يعود إلى الله.
5 سورة فصلت، الآية: 52.
6 شرح العقيدة الطحاوية، ص (51) .

الصفحة 36