كتاب الآثار التربوية لدراسة اللغة العربية

وقيل 1:
إذِ العلم أعلى رتبة في المراتب ... ومن دونه عز العلا في الكواكب
فذو العلم يبقى عزه متضاعفاً ... وذو الجهل بعد الموت تحت التيارب التيارات
فمن رامه رام المراتب كلها ... ومن حازه قد حاز كل المطالب
فتلك الأبيات في عمومها تبين فضل العلم والمتعلم، وأنه أعلى المناصب وأرفعها ذروة، وهو لصاحبه بعد الموت ذكر ثاني، وأما الجاهل فهو ميت بجهله قبل موته بخروج روحه، فهو لا ذكر له بين أهل العلم وطلابه.
والنظم الأدبي في اللغة العربية يشحذ همة القارئ أو المستمع إلى محبة علم بعينه، بحسب الفن الذي نظمت فيه الأبيات الأدبية، فمن يستمع إلى أبيات المديح في علم الفقه يجد قلبه يتوق إليه كقول أحدهم 2:
إذا ما اعتز ذو علم بعلم ... فعلم الفقه أولى باعتزاز
فكم طيب يفوح ولا كمسك ... وكم طير يطير ولا كباز
ومن يستمع إلى اللغة العربية وهي ترثي حالها وتشتكي على قومها سوء هجرهم لها، يجد نفسه مدفوعاً محباً لعلوم اللغة العربية، كما في نظم حافظ إبراهيم على لسان اللغة العربية والتي منها 3:
رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي ... وناديت قومي فاحتسبت حياتي
رموني بعقم في الشباب وليتني ... عَقُمتُ فلم أجزع لقول عِداتي
وِسعتُ كتاب الله لفظاً وغاية ... وما ضقت عن آي به وعظات
__________
1 المرجع السابق، ص (64ـ65) .
2 برهان الدين الزرنوجي، تعلم المتعلم طريق التعلم، ص (65) .
3 حافظ إبراهيم، ديوان حافظ إبراهيم (1/253) .

الصفحة 480