كتاب الآثار التربوية لدراسة اللغة العربية

فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة ... وتنسيق أسماء لمخترعات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن ... فهل ساءلوا الغوَّاص عن صدفاتي
أيُطْرِبكم من جانب الغرب ناعب ... يُنِادي بِوَأدي في ربيع حياتي
سقى الله في بطن الجزيرة أعظماً ... يَعز عليها أن تلين قناتي
أيهجرني قومي عفا الله عنهم ... إلى لغة لم تتصل برواة
إلى معشر الكتاب والجمع حافلٌ ... بَسَطْتُ رجائي بعد بسط شكاتي
فإما حياة تبعث الميْتَ في البلى ... وتنبت في تلك الرموس رُفاتي
وإما ممات لا قيامة بعده ... ممات لعمري لم يقس بممات
ويتبين من ذلك الأهمية العظمى لأدب اللغة العربية، شعره ونثره في شحذ الهمم ودفعها لطلب العلم والتزود به، والانكباب عليه، والسهر من أجل تحصيله، والوصول لبلغته.
فمثل هذا الأدب اللغوي الرفيع وسيلة تربوية فاعلة في جانب التلقي العلمي، جدير بالمناهج التعليمية والمعلمين أن يولوه جُلَّ اهتمامهم وعنايتهم، إنشاداً وتحفيظاً لطلاب العلم منذ نعومة أظفارهم ليتربوا على حب المعرفة والسعي في اكتسابها، فإن لعذوبة الكلمة الجميلة تأثيرها الفاعل بعد توفيق الله تعالى.
2- نظم المعرفة وتسهيلها:
لقد أسهم أدب اللغة العربية في نظم المعرفة شعراً حتى أصبح ذلك النظم واجب الحفظ لمن أراد بلوغ المنزلة في الفن المقصود الضلوع فيه، وبلوغ مراميه، وسبر غوره، ولججه.
(فالحفظ والتعهد تمام الدُّرْكِ؛ لأن الإنسان موكَّلُ به النسيان والغفلة، فلابد له إذا اجتبى صواب قولٍ أو فعلٍ، من أن يحفظه عليه ذهنه لأوان حاجته) 1.
__________
1 ابن المقفع، الأدب الصغير والأدب الكبير، ص (63) .

الصفحة 481