كتاب الآثار التربوية لدراسة اللغة العربية

فهي عملية عقلية تستعين بالتذكر في استرجاع الصور العقلية المختلفة ثم تمضي لتؤلف منها تنظيمات جديدة تصل الفرد بماضيه، وتمتد به إلى حاضره، وتستطرد به إلى مستقبله 1.
ولأسلوب تصوير المعاني وتخيلها وتجسيدها أثر عظيم وفاعل في الميدان التربوي؛ لأنه يثير في النفس العواطف والمشاعر 2.
فتأمل قول الله تعالى: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} 3.
فلعظم الشرك بالله وخطورته فإن من يشرك بالله فمثله كمثل الشيء الذي سقط من السماء فتخطفه الطير فتقطعه أعضاء، كذلك المشرك إذا ترك الاعتصام بالإيمان تخطفه الشياطين من كل جانب، ومزقوه وأذهبوا عليه دينه ودنياه، وإما أن تأخذه عاصفة شديدة من الريح فتعلوا به في طبقات الجو فتقذفه بعد أن تقطع أعضاءه في مكان بعيد جداً 4.
فنلحظ في هذه الآية الكريمة صورة بلاغية تجسد لقارئ كتاب الله تعالى عظيم الشرك وخطورته في صورة تستثير فيها خيال التالي للآية العظيمة الأنيفة.
وقد انعكست بلاغة القرآن الكريم وصوره البلاغية على شعراء المسلمين حيث (ارتقى خيال شعراء المسلمين، فاقتبسوا كثيراً من تصوير القرآن الكريم للأمواج والسحاب والنور والظلام، والقمر والنجوم وغيرها، فهذا النابغة الجعدي يقول5:
__________
1 المرجع السابق، ص (161) .
2 مقداد بالجن، توجيه، المتعلم في ضوء التفكير التربوي، والإسلامي، ص (198) .
3 سورة الحج، آية رقم (31) .
4 السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (3/319) .
5 عبد الصبور السيد الغندو، الأدب الإسلامي، مفهومه ومقوماته وطريقة تدريسه، ص (24ـ25) .

الصفحة 493