كتاب الآثار التربوية لدراسة اللغة العربية

ومن حمق الانحراف إلى إصابة الصواب 1.
والحكمة بهذا تعتبر أس النجاح والتفوق والتقدم؛ لأنها التجسيد الحقيقي للمعرفة الصحيحة في واقع الأفعال والأقوال الإنسانية والجماعية والفردية.
والتربية الفاعلة تسعى إلى إكساب المتربين الحكمة من خلال التنشئة العلمية الصحيحة؛ لأن الأمور جميعها لا تصح إلا بالحكمة (التي هي: وضع الأشياء في مواضعها وتنزيل الأمور منازلها، والإقدام في محل الإقدام، والإحجام في موضع الإحجام) 2.
فالحكمة شجرة تنبت في القلب، وتثمر في اللسان، وهي موقظة للقلوب من سِنَةِ الغفلة، ومنقذة للبصائر من الحيرة 3.
ولما أن مصنفات الأدب قد حوت في حوزتها وبين دفات كتبها الكثير من الحكم التي صيغت في قوالب بلاغية غاية في الإيجاز، وجمال اللفظ، فإنها جديرة بان يوليها الميدان التربوي الاهتمام اللائق بها من خلال المناهج الدراسية الصفية وغير الصفية.
وأما الموضوعية فتعتبر من أبرز مقومات الشخصية الفاعلة المتفاعلة ذات الأثر والتأثير في محيطها الاجتماعي؛ لأنها الشخصية المفعلة لنصوص الحكمة في جوانب الحياة المختلفة، حسب الحقائق لا حسب الأهواء والرغبات غير الموضوعية لأن (التعامل مع الحقائق جزء هام من الموضوعية، بل إنه يمثل الجزء الأهم؛ لأن إدراك الحقائق على ما هي عليه قد يكون ميسوراً في كثير من الأحيان لكن التعامل مع الحقائق بموضوعية لا يكون إلا معقداً، حيث إنه يحتاج إلى علم وخبره، ويحتاج إلى مرونة، وتجرد عن الهوى) 4.
__________
1 عبد الرحمن السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (1/214) .
2 المرجع السابق (1/14) .
3 علي بن عبد الرحمن بن هذيل، عين الأدب والسياسة وزين الحسب والرياسة، ص (12) .
4 عبد الكريم بكار، فصول في التفكير الموضوعي، ص (92) .

الصفحة 498