كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 2)

يقسم هذه الأموال بأمر الله، ليست ملكاً لأحد1. وذكر البخاري في صحيحه أن معنى قوله تعالى: {وَلِلرَّسُول} يعني الرسول له ذلك انتهى2.
وتحقيق ذلك أن اللام في آية الخمس وآية الفيء، مذكورة في ثلاثة مواضع. في قوله {لِلَّهِ} وفي قوله: {وَلِلرَّسُول} وفي قوله: {وَلِذِي الْقُرْبَى} . وفي آية الصدقات لم تذكر إلاّ في أولها فقط3، ولم تذكر مع بقية أنواع المصارف - في الآيات الثلاث - وليس ذلك لغير معنى، بل لمعان متغايرة وهي: أنها في قوله: {لِلَّهِ} بمعنى أن أمرها إليه، لم يجعله إليكم، بل أخرجها عن حكمكم وجعل لها مصارف عينها لهم4. وفي قوله: {وَلِلرَّسُول} بمعنى أنه هو المنفذ لأمر مرسله، وهو الذي يتولى أمر قسمها بإذنه، وله فيها نصيب لاحتياجه إلى ما يحتاج إليه البشر ولما كانت منزلته أعلى من منزلة بقية المصارف أُعيدت اللام مع بقية المصارف5 تنبيهاً
__________
1 ما ذكره المؤلف هو أحد الأقوال. انظر أحكام القرآن للجصاص (4/ 224، 244)
(5/ 319) ، وأحكام القرآن للكيا الهراسي (3/ 152، 158) (4/ 406) ، وأحكام القرآن لابن العربي (2/ 839، 855، 856) ، (4/ 1172، 1773) .
2 صحيح البخاري ـ مع الفتح ـ (6/ 217) كتاب فرض الخمس. وفيه النص هكذا (يعني للرسول قسم ذلك) . قال ابن حجر ـ في الفتح (6/ 217، 218) معلقاً على تفسير البخاري ـ: (هذا اختيار منه لأحد الأقوال في تفسير هذه الآية، والأكثر على أن اللام في قوله: {وَلِلرَّسُول} للملك، وأن للرسول خمس الخمس من الغنيمة، سواء حضر القتال أو لم يحضر، وهل كان يملكه أو لا؟ وجهان للشافعية، ومال البخاري إلى الثاني واستدل له) .
3 في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ.} سورة التوبة، الآية: 60.
4 هذا المعنى مختلف فيه في بعض الآيات. انظر المحرر الوجيز (8/ 6، 70) (15/ 466) ، والجامع لأحكام القرآن (7/ 361) (8/10) (12/ 11-14) .
5 يعني مع بعض المصارف، كما هي في الآية (41) من سورة الأنفال، وفي الآيتين
(7) و (8) من سورة الحشر.

الصفحة 51