كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 2)

الهداية العامة1، وأعم منها الهداية المذكورة في قوله تعالى: {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} 2.
قوله تعالى: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} 3 لو قيل: (يشرب منها) لم يدل على الري، فضمن يشرب معنى (يروى) 4 فعُدي بالباء، فقيل: (يشرب بها) فأفاد ذلك أنه شرب يحصل معه الري. وباب تضمين الفعل معنى فعل آخر حتى يتعدى تعديته كثير، كما ضمّن قوله تعالى: {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ} 5 معنى (الضم) 6 المع-دّى بإلى، فعدّي بها، وقوله تعالى: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا} 7 معنى (خلصناه) 8، وقوله: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ
__________
1 لعله يريد أن يقول: إن هذه الهداية مثل الهداية التي في قوله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} وبهذا نظَّرها السمعاني في تفسير القرآن (6/113) وفي الوسيط للواحدي (4/398، 399) : بينا له سبيل الهدى {إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} إما موحداً طائعاً لله، وإما مشركاً بالله في عمله، والمعنى: أنه بيّن له سبيل التوحيد بنصب الأدلة وبعث الرسل، شكر الإنسان فآمن، أو جحد فكفر.
2 سورة طه، الآية: 50. وتفسير المؤلف في شرح العقيدة الطحاوية، ص (630) .
3 سورة الدهر، الآية: 6.
4 انظر غرائب التفسير (2/1287) ، والبحر المحيط (8/387) ، والدر المصون (10/600) ففيها ما قال المؤلف. وهو أحد الأوجه ورجحه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (20/474) ، وابن القيم. انظر بدائع التفسير (5/157) وقد استوفيت بحث هذه المسألة في (استدراكات الفقيه ابن جُزي على القاضي ابن عطية في تفسير القرآن الكريم) .
5 سورة ص، الآية: 24.
6 انظر غرائب التفسير (2/997) ، والكشاف (3/370) ، والبحر (7/377) ، والدر المصون (9/370) ، ففيها ما ذكر المؤلف، وعبّر بعضهم بالإضافة بدل الضم، وهما بمعنى واحد.
7 سورة الأنبياء، الآية: 77.
8 انظر النكت والعيون (3/456) ، فقد ذكر الماوردي هذا المعنى، وأشار أبو حيان في البحر (6/305) إلى أن (نصرناه) ضمن معنى (أخرجناه) ، وأشار السمين في الدر (8/184) إلى أنه ضمن معنى (منعناه وعصمناه) .

الصفحة 60