كتاب تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة (اسم الجزء: 2)

ولكنه - تعالى - يعفو ويصفح1.
__________
1 شرح العقيدة الطحاوية، ص (601، 602) .
سورة البروج
قال تعالى: {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} 2 {أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ} 3 {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً} 4. وليس المراد من إحاطته بخلقه أنه كالفلك، وأن المخلوقات داخل ذاته المقدسة، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وإنما المراد: إحاطة عظمة وسعة علم وقدرة، وأنها بالنسبة إلى عظمته كالخردلة5، كما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: (ما السموات السبع والأرضون السبع، وما فيهن وما بينهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم) 6.
ومن المعلوم - ولله المثل الأعلى - أن الواحد منا إذا كان عنده خ-ردلة، إن شاء قبضها وأحاطت قبضته بها، وإن شاء جعلها تحته، وهو في الحالين مباين لها، عال عليها فوقها من جميع الوجوه، فكيف بالعظيم الذي لا يحيط بعظمته وصف واصف 7.
__________
1 سورة البروج، الآية: 20.
3 سورة فصلت، الآية: 54.
4 سورة النساء، الآية: 126.
5 الخردل: نبات عشبي، يخرج في الحقول وعلى حواشي الطرق، تستعمل بذوره في الطب، يُضرب به المثل في الصِّغر. انظر ترتيب القاموس (2/34) ، والمعجم الوسيط (1/233) (خردل) .
6 أخرجه الإمام الطبري في جامع البيان (21/324) بنحوه، بإسناد حسن ظاهره الاتصال.
7 شرح العقيدة الطحاوية، ص (374) .

الصفحة 64