كتاب معجم المؤلفات الأصولية الشافعية المبثوثة في كشف الظنون وإيضاح المكنون وهدية العارفين

رَضِي الله عَنْهُم وعنهن.
مَعَ مَا حصل لبَعْضهِم من بركَة عَظِيمَة بِسَبَب دَعْوَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُم بذلك، كدعوته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي هُرَيْرَة ـ رَضِي الله عَنهُ ـ بِالْحِفْظِ والضبط، فَكَانَ أحفظَ الصَّحَابَة ـ رَضِي الله عَنهُ ـ وأكثرَهم رِوَايَة على الْإِطْلَاق.
وَقد قَامَ الصَّحَابَة ـ رَضِي الله عَنْهُم ـ بِنَقْل تِلْكَ الْعُلُوم الْمُخْتَلفَة ـ وَمِنْهَا علم أصُول الْفِقْه ـ إِلَى تلاميذهم من التَّابِعين، فنال التابعون من الصَّحَابَة فضلا كَبِيرا وعلمًا كثيرا.
ثمَّ قَامَ التابعون بِنَقْل مَا علمُوا إِلَى تابعيهم، فنال تابعوهم خيرا كثيرا؛ إِلَّا أَنهم ولظروف معيّنة ظَهرت الْحَاجة إِلَى تدوين علم أصُول الْفِقْه.
أَسبَاب تدوين أصُول الْفِقْه:
إِن أول من دوّن أصُول الْفِقْه فِيمَا نُقل إِلَيْنَا: الإمامُ الشَّافِعِي ـ رَحمَه الله ـ؛ وأهم تِلْكَ الظروف والأسباب الَّتِي دَفعته إِلَى ذَلِك مَا يَأْتِي1:
1 - أَن عبد الرحمن بن مهْدي ـ إِمَام أهل الحَدِيث فِي بَغْدَاد ـ كتب إِلَى الشَّافِعِي رَحمَه الله أَن يضع لَهُ كتابا فِيهِ مَعَاني الْقُرْآن، وَيجمع قبُول الْأَخْبَار فِيهِ، وَحجَّة الْإِجْمَاع وَبَيَان النَّاسِخ والمنسوخ من الْقُرْآن وَالسّنة. فَوضع لَهُ كتاب الرسَالَة2.
2 - بُعدُ العهدِ عَن عهد الرسَالَة.
3 - ضعف اللِّسَان الْعَرَبِيّ لاختلاط أهلِه بالأمم الْأُخْرَى.
4 - قلَّة الحفّاظ.
__________
1 - انْظُر: هَذِه الْأَسْبَاب وَغَيرهَا فِي: أصُول الْفِقْه الميسّر (1/31) ، وأصول الْفِقْه الإسلامي (12) ، وأصول الْفِقْه للبرديسي (9) .
2 - انْظُر: تَارِيخ بَغْدَاد (2/64 - 65) ومقدمة أَحْمد شَاكر للرسالة (10 - 11) .

الصفحة 329