كتاب الحملة الأخيرة على القسطنطينية في العصر الأموي

يظهر والله أعلم إرهاب العدو وبث الرعب والفزع في نفوسهم وإشعارهم أن مدينتهم واقعة تحت الحصار الفعلي، ويلاحظ على هذه الحملة أنها عادت دون أن تحقق هدفها وهو فتح القسطنطينية، لكنها نجحت في صرف همة البيزنطيين عن محارشة المسلمين والتركيز على الدفاع عن ما بحوزتهم من بلاد. وفاز هذا الجيش بفضيلة السبق لغزو هذه المدينة حيث الوعد النبوي بالمغفرة لأول جيش من المسلمين يغزو القسطنطينية1.
أما الحصار الثاني فقد تم أثناء ما عرف بحرب السنوات السبع 2 (54-60?/ 673-679م) حيث سارت قوة برية وبحرية نحو القسطنطينية ووصلت إليها دون مقاومة 3، وكان المسلمون قد تمكنوا في هذه السنوات وما قبلها من فتح عدد من الجزر في بحر الروم (المتوسط) مثل قبرص Cyprus، ورودس Rhodes، وكوس Cos، وخيوس Chios، وفتحوا جزيرة أرواد Cyzicus في بحر مرمرة واتخذوها قاعدة بحرية لهم في هذه الحرب، كما فتحوا إزمير، وليكيا Lycia، وقيليقية Cilicia في آسيا الصغرى 4، وتعرضت القسطنطينية للحصار في هذه السنوات مرات عديدة في فصول الصيف، لكن ذلك لم يؤد إلى نتائج حاسمة بسبب انقطاعه في فصول الشتاء وعدم إحكامه،
__________
1 مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 3/413، 4/486، وهذا وفقاً لرواية البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وانظر منهاج السنة النبوية 4/544.
2 ابن الأثير، الكامل 3/246 وفيليب حتي، تاريخ العرب 3/252
3 يذكر الدكتور العدوي، الأمويون ص 143 تولي عبد الرحمن بن خالد بن الوليد قيادة الحملة، ولكن ذلك وهم، لأن عبد الرحمن كان قد توفي سنة 46 ?، انظر تاريخ دمشق 34/334، وتاريخ الإسلام (41-60) ص 16
4 Ostrogorski , History of The Byzantine State, P. 111.

الصفحة 428