كتاب الحملة الأخيرة على القسطنطينية في العصر الأموي

أخرج سليمان العطاء للجيش، وأنفق أموالاً كثيرة من الخزائن، وبين للناس غزوتهم وطولها، وأمرهم بتقوى الله، ومصابرة العدو، والتناصح والتناصف1.
أخذ مسلمة معه ما يحتاجه من مواد تساعده على إنجاح مهمته؛ من مؤن وأخشاب لإقامة بيوت تكنُّ المسلمين من شتاء القسطنطينية القارس2.
هذا وقد جاء في رواية للواقدي ساقها كل من الذهبي3 وابن كثير4 أن سليمان قبل أن ينفذ الحملة استشار موسى بن نصير وأخاه مسلمة في أيِّهما يبدأ به أولاً القسطنطينية، أم ما دونها من البلاد حتى يصل إليها فيفتحها؟ فكان رأي موسى بن نصير أن يبدأ بما دونها حتى يصلها، سيراً على سَنن الفاتحين الأولين، أما مسلمة فقد رأى أن يبدأ بالقسطنطينية أولاَ، وقد أعجب سليمان هذا الرأي فأخذ به. ويبدو أنهم كانوا على عجلة من أمرهم وإلا فإن رأي موسى كان أحكم وأصوب وأثبتت الأيام نجاحه وصوابه.
سير الحملة إلى القسطنطينية وضرب الحصار:
استدعى مسلمة بن عبد الملك بشراً الغنوي الذي روى عن أبيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو: “لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش”، قال: فدعاني مسلمة بن عبد الملك، فحدثته، فغزاها5. وكان هذا بعد أن تكامل إعداد الحملة وتجهيزها في سنة
__________
1 الذهبي، تاريخ الإسلام (81-100) ص 270، وابن كثير، البداية والنهاية 9/175، وابن دقماق، الجوهر الثمين ص 70.
2 انظر طقوش، تاريخ الدولة الأموية ص 131.
3 تاريخ الإسلام (81-100) ص 270، وسير أعلام النبلاء 4/501.
4 البداية والنهاية 9/174-175.
5 البخاري، التاريخ الكبير 2/81، ابن عبد البر، الاستيعاب 8/170، وقال إسناده حسن، وانظر تاريخ دمشق 58/34-35.

الصفحة 439