كتاب الحملة الأخيرة على القسطنطينية في العصر الأموي

تجلت المعركة عن قتل صاحب برجان، وقتل شراحيل بن عبيدة رحمه الله تعالى. وكان عبيدة قد أراد أن يوغل في أرض العدو بعد هزيمتهم، لكن صرفه عن ذلك رسول مسلمة الذي استعجله بالقدوم بعد أن فتح الله عليه1 وتؤكد أغلب المصادر الإسلامية على فتح المسلمين لمدينة الصقالبة 2، مما يدل على أن نصرهم كان حاسماً في معاركهم مع برجان.
وتشير الروايات بعد ذلك إلى لطف الله تعالى بالمسلمين حيث صرف عنهم كيد عدوهم عندما أضرموا النار في الحشيش اليابس الذي ينزل عليه المسلمون، فأطفأها الله عنهم 3.
كما تشير إلى أسماء بعض المجاهدين الذين خرجوا ابتغاء الحصول على الشهادة فرزقوا إياها، ورأوا بشائر صدقهم وإخلاصهم في نزلهم بالجنة وهم ما زالوا على قيد الحياة 4.
تحقيق في روايات إرسال المدد:
ثم ماذا عن إرسال الإمدادات؟ هل أمدَّ سليمان بن عبد الملك الحملة بقوى جديدة بعد أن وصلت إلى القسطنطينية وحاصرتها، ثم بعد أن تطورت الأحداث فصارت الأمور تسير في غير صالح الجيش المحاصِر؟
من مطالعة الروايات في المصادر المختلفة نجد أن هناك اختلافاً من مصدر لآخر، بل حتى في المصدر الواحد نلاحظ تناقضاً في الروايات؛ فبينما تثبت
__________
1 تاريخ دمشق 38/154-155، وانظر 22/443-444 والبداية والنهاية 9/184.
2 تاريخ خليفة بن خياط ص 321، وتاريخ الطبري 6/532، وتاريخ القضاعي ص358، وتاريخ دمشق 58/27، وكامل ابن الأثير 4/147، والبداية والنهاية 9/328. ومدينة الصقالبة هذه لم أجد في المصادر والمعاجم التي وصلت إليها ما يُعين على التعريف بها، لكن قد يُستشف من سياق الحديث عنها أنها عاصمة دولتهم.
3 تاريخ دمشق 38/155.
4 المصدر السابق 67/159.

الصفحة 458