كتاب الحملة الأخيرة على القسطنطينية في العصر الأموي

بدؤه في أواخر سنة 97?، واستمر إلى أن مضت عدة أشهر من سنة 99?، وقد تصل هذه المدة إلى حدود عشرين شهراً ـ حسب رواية الذهبي السابقة ـ لكنها لاتصل بحال إلى ثلاثين شهراً؛ لأنه لو افترضنا أن فك الحصار كان بعد تولي عمر بثلاثة أشهر على أكثر تقدير، فسيكون بدؤه قبيل منتصف سنة 96?، وهذا قبل وفاة الوليد، وهو مخالف لما عليه كافة المؤرخين من أن انطلاق الحملة وحصار القسطنطينية كان في زمن سليمان بن عبد الملك.
ويعزز هذا الترجيح عبارة وردت لدى ياقوت الحموي ذكر فيها: أن سليمان شتى بدابق شتاءاً بعد شتاء 1، فهي تفيد أنه مرّ شتاءان بعد خروج الحملة شتاء سنة 97 والشتاء الذي يليه، ويعزز ذلك أيضاً ما روي من أن مسلمة أقام على حصار الروم شتاءاً وصيفاً وزرع بأرضهم، وهجم عليه الشتاء الآخر، وكان ذا برد شديد 2.
وكانت تعوز ابن العبري الدقة عندما أرخ انطلاق الحملة في سنة 98?، ثم أرخ رجوعها بتولي عمر بن عبد العزيز أي في سنة 99?، ثم ذكر أن مدة الحصار ثلاثين شهراً!! 3.
مناقشة رواية دخول المسلمين القسطنطينية وبناء المسجد:
ونقف هنا عند مسألة وردت موجزة عند بعض المؤرخين وهي مصالحة المسلمين أهل القسطنطينية على دخولها، وبناء مسجد فيها 4. لكن جاءت
__________
1 معجم البلدان 2/416.
2 العيون والحدائق ص 32
3 ابن العبري، تاريخ مختصر الدول ص 196-197.
4 تاريخ القضاعي ص 352، والبغدادي، تاريخ بغداد 9/338، وابن تيمية، مجموع الفتاوى 18/352، والذهبي، دول الإسلام ص 69، وسير أعلام النبلاء 5/112، وابن كثير، البداية والنهاية 9/174، 9/177، 9/328.

الصفحة 465