كتاب الحملة الأخيرة على القسطنطينية في العصر الأموي

ثانياً: تدور علامات التساؤل والشك حول كثير مما ورد في رواية الدخول هذه التي ساقها ابن أعثم، ومن ذلك:
- ورد في مقدار المصالحة (ألف ألف درهم) والدرهم عملة فارس أعداء البيزنطيين، التي لا يتعاملون بها وإنما يتعاملون بالدنانير.
- ما ورد في مقدار المصالحة يخالف ما هو ثابت في رواية شهود العيان من أنهم لما رغبوا فيها ـ أي المصالحة ـ قبلوا أن يدفعوا عن كل إنسان في القسطنطينية ديناراً ديناراً.
- عندما رفض البيزنطيون الجزية التي عرضها عليهم المسلمون رفضوها أنفة وكبرياء؛ قالوا: “والصغار والجزية ما لا تطيب به أنفسنا أبداً “1، وهذه الرواية تخالف ذلك تماماً، وتفيض بذكر ما صاروا إليه من الذل والصغار والقبول والتنفيذ لكل ما طلب منهم.
- ثم إن مسلمة لم يكن في موقف المنتصر على أهل القسطنطينية حتى يفرض شروطه عليهم ويذلهم بتلك الطريقة المهينة بالنسبة لهم.
ولذلك فإن مسألة دخول مسلمة إلى المدينة مستبعدة وكذلك بناء المسجد داخلها، وإن كان هناك مسجد مبني فهو خارج أسوارها، حيث كان يقيم مسلمة وجنده، عندما بنوا بيوت الخشب أول قدومهم، وظلوا فيها أثناء الحصار، ومن المتوقع بل المفترض أن يكون لهم مسجد جامع يؤدون فيه الجمع والجماعات والأعياد، ومن المحتمل أيضاً بقاء هذا البناء بعد رحيل المسلمين، ولا سيما أن بعض العلماء صرحوا بأنه باق إلى زمانهم 2.
ومن الغرائب التي وردت عند ابن أعثم: أن مسلمة عندما أراد فك
__________
1 تاريخ دمشق 68/231.
2 ابن تيمية، مجموع الفتاوى 18/352، وابن كثير، البداية والنهاية 9/328.

الصفحة 467