كتاب الحملة الأخيرة على القسطنطينية في العصر الأموي

يتضح ذلك من وصفه بأنه قد خدع خديعة لو كان امرأة لعيب بها1، فهل يُصدقُ أن يعمد قائد جيش بنفسه إلى إحراق طعامه وطعام جنده وهو في مواجهة عدوه؟! هذا ما لايمكن أن يصدقه عاقل، وهي فرية مكشوفة ظاهرة للعيان، تذكرنا بقصة طارق بن زياد وإحراق السفن المنسوبة إليه زوراً وبهتاناً.
ومثل هذه الرواية في البطلان الرواية الأخرى التي ساقها الطبري أيضاً عن علي بن محمد المدائني ـ وكلتا الروايتين عنه ـ والتي ذكرت أن اليون كتب إلى مسلمة يسأله أن يدخل من الطعام ما يعيش به القوم، ويصدقونه بأن أمره وأمر مسلمة واحد2!! والسؤال الذي يبرز نفسه؛ ما قيمة الحصار المضروب على المدينة إذاً، إذا كان يتصور أن مسلمة سيعطيهم من الطعام ما يعيشون به؟!
إن تلك الروايات في نظري يفهم منها أمر مهم وهو تحميل مسلمة بن عبد الملك مسؤولية عدم نجاح هذه الحملة بتحقيق هدفها الرئيس، وما أصاب المسلمين أثناء الحصار من بعض المحن، حتى قال عنه صاحب العيون والحدائق: إنه عاجز، لا رأي له في الحرب، ولا في أصحابه من له رأي يرجع إليه 3، وقال في موضع آخر كلاماً نابياً عنه 4، وقالوا عنه بعد فقد الطعام: إنه قد خدع خديعة لو كان امرأة لعيبت بها 5.
__________
1 تاريخ الطبري 6/531.
2 المصدر السابق نفسه، والعيون والحدائق ص 32.
3 ص 27-28.
4 وهو أن ليون كان يناظره ويعامله بالمكر والخديعة حتى قال: لو كان مسلمة امرأة ثم شئت أن أفعل بها لفعلت، وما كان يمتنع علي قط في شيء أردت منه. العيون ص27.
5 تاريخ الطبري 6/531، العيون والحدائق ص 32،ابن الأثير، الكامل 4/147، ابن العبري، تاريخ مختصر الدول ص 197.

الصفحة 471