كتاب الحملة الأخيرة على القسطنطينية في العصر الأموي

أصابه من الجوع والجهد فذكر أنه هم بنزع جلدة الفسطاط التي تكون في أعلى عمود الخيمة، ليطبخها ويلوكها ويتقوى بها، لكنه سمع تكبير الناس فرحاً بالقفول، فذهب عنه الجوع1. وورد أنهم أكلوا الدواب والجلود وأصول الشجر والعروق والورق وكل شئ غير التراب 2. وأنه عظم البلاء عليهم لذهاب أقواتهم3، وأن الناس في معسكرهم أكلوا الميتة والعذرة من الجوع 4، وأنهم جاعوا جوعاً عظيماً 5.
ومن الأخطاء التي وردت عند بعض المؤرخين قولهم عند الحديث عن هذه المجاعة التي أصابت المسلمين: أنهم أكلوا الميتة والعذرة من الجوع في الوقت الذي كان في وسط المعسكر كومة من حنطة مثل الجبل العالي يغيظون بها الروم!! 6 ولاشك أن هذا غير صحيح؛ لأنهم لا يمكن أن يغيظوا الروم بقتل أنفسهم.
وعلى أي حال فلا شك أن تلك المجاعة كانت مما زاد من سوء أحوالهم، وتعرضهم للإصابة ببعض الأمراض 7، وكانت سبباً في هلاك بعضهم، وهلاك دوابهم 8، وأخيراً كانت من الأسباب التي أدت إلى رحيلهم عن القسطنطينية 9.
__________
1 المصدر السابق 19/527.
2 تاريخ الطبري 6/531، والعيون والحدائق ص 33، وكامل ابن الأثير 4/147.
3 المسعودي، التنبيه ص 166.
4 سير أعلام النبلاء 4/502.
5 ابن كثير، البداية والنهاية 9/328.
6 الذهبي، تذكرة الحفاظ 1/70،وسير أعلام النبلاء 4/502.
7 تاريخ دمشق 58/21.
8 العيون والحدائق ص 30.
9 تاريخ دمشق 68/230، 232.

الصفحة 475