كتاب أساليب دعوة العصاة

اصطلاحان متقاربان يتجلى مضمونهما في هذا البحث الموجز، ولنقف باقتضاب على أهم المدلولات التي تتضمنها مفردات البحث:
فـ (الأساليب) جمع أسلوب، وهو كما قال اللغويون: الطريق والوجه والمذهب، قال ابن منظور: “ يقال للسَّطْر من النخيل أُسْلوبٌ وكل طريقٍ ممتدّ فهو أُسلوبٌ قال: والأُسْلوبُ الطريق والوجهُ والمَذْهَبُ يقال أَنتم في أُسْلُوب سُوءٍ ويُجمَعُ أَسالِيبَ، الأُسْلُوبُ: الطريقُ تأُخذ فيه الأُسْلوبُ بالضم الفَنُّ، يقال أَخَذَ فلانٌ في أَساليبَ من القول أَي أَفانِينَ منه “1.
وقد ورد التعبير بـ (الأساليب) عند السلف ويقصد به فنون القول كما عند ابن تيمية؛ قال: “ومن أعظم التقصير نسبة الغلط إلى متكلم مع إمكان تصحيح كلامه وجريانه على أحسن أساليب كلام الناس”2.
فهو هنا عبر بالأساليب في معنى الأنماط البيانية الكلامية. فالأشبه في الأساليب أنها تختص بالبيان والكلام، يقال أساليب الدعوة أي الطرائق البيانية التي يوصل بها الداعية دعوته إلى المدعوين، وأما الوسائل فهي الأعم مدلولا تشمل الطرائق البيانية وغيرها، إذ هي القنوات التي من خلالها يوصل الداعية كلمته إلى الآخرين كالمذياع والراي والكتاب والجريدة والشريط ومنبر الخطابة ودار الأيتام والمستشفى الخيري … الخ وهذا هو الفرق بين أساليب الدعوة ووسائلها.
وقد يتداخل الاصطلاحان في مدلولهما كما سيأتي في غضون هذا البحث، لكن يبقى المعنى الأصلي والأغلب لـ (الأساليب) منصبا نحو الأدوات البيانية الخطابية.
__________
1 لسان العرب 1 / 473 مادة سلب.
2 مجموع الفتاوى 31 / 114.

الصفحة 144