كتاب أساليب دعوة العصاة

لقد تعرضت كثير من المجتمعات الإسلامية للغزو الفكري المنظم والحرب الثقافية المقننة منذ عقود كثيرة، وكان ذلك الغزو بديلا عن الحرب القتالية التي أريقت فيها دماء واستبسل فيها المسلمون دفاعا عن العرض والأرض وقبل ذلك حماية للعقيدة والدين.
خاض أعداء المسلمين حروبا شعواء لمحو الإسلام والقضاء على المسلمين كان من أبرزها الحروب الصليبية التي امتدت زهاء قرنين (488-684?/ 1095-1292م) وأدرك أعداء الإسلام أن القتال لن يزعزع المسلم عن دينه بل يزيده تمسكا ودفاعا واستبسالا ويؤجج فيه روح الجهاد والفداء.. فغيروا الإستراتيجية وأتوا بالغزو الفكري وكان الهدف الأول منه إقصاء الدين من حياة المسلم ليكون مخلوقا لا تحركه غير الشهوات والملذات فلا يهتم بالجهاد ولا بقضايا المسلمين ولا بمعالي الأمور. ونتجت إثر ذلك جملة من المشكلات التي يعاني منها الكثير من المسلمين حين بعد الكثيرون منهم عن هدي ربهم، ومن ثم تنامت في عقول الأكثرين من المسلمين مشكلات عديدة فيما يتعلق بالمعاصي منها:
- الاستهانة بالمعصية، بل الاستخفاف بالدين وأثره في الحياة والتقليل من أهميته.
- ومنها التسويف في التوبة.
- ومنها الجهل بالمعصية ذاتها.
- ومنها الجهل بعواقب المعاصي وتبعاتها.
- ومنها ذلك الانحراف العقدي الذي ظهر مبكرا في تاريخ المسلمين وهو المبالغة والغلو في مرتكبي المعاصي لا سيما الكبائر، غلوا أخرج به الغلاةُ العصاةَ من مسمى الإيمان وظهرت إثر ذلك نعرة التكفير وهو ما عُرف بنزعة الخوارج، وفي المقابل التهاون بالمعاصي وزعم أنه لا تنفع مع الإيمان طاعة كما لا تضر معه معصية، وهو ما عُرف بنزعة المرجئة وغيرهم. وهو فكر متنامي في كثير من

الصفحة 147