كتاب أساليب دعوة العصاة

جميع علماء السنة على أن أصحاب الذنوب داخلون تحت الذم والوعيد وان قالوا أن إيمانهم كامل كإيمان جبريل فهم يقولون أن الإيمان بدون العمل المفروض ومع فعل المحرمات يكون صاحبه مستحقا للذم والعقاب كما تقوله الجماعة ويقولون أيضا بأن من أهل الكبائر من يدخل النار كما تقوله الجماعة والذين ينفون عن الفاسق اسم الإيمان من أهل السنة متفقون على أنه لا يخلد في النار فليس بين فقهاء الملة نزاع فى أصحاب الذنوب إذا كانوا مقرين باطنا وظاهرا بما جاء به الرسول وما تواتر عنه أنهم من أهل الوعيد وأنه يدخل النار منهم من أخبر الله ورسوله بدخوله إليها ولا يخلد منهم فيها أحد ولا يكونون مرتدين مباحي الدماء.
ولكن الأقوال المنحرفة قول من يقول بتخليدهم في النار كالخوارج والمعتزلة وقول غلاة المرجئة الذين يقولون ما نعلم أن أحدا منهم يدخل النار بل نقف في هذا كله وحكى عن بعض غلاة المرجئة الجزم بالنفي العام، ويقال للخوارج الذي نفى عن السارق والزاني والشارب وغيرهم الإيمان هو لم يجعلهم مرتدين عن الإسلام بل عاقب هذا بالجلد وهذا بالقطع ولم يقتل أحدا إلا الزاني المحصن ولم يقتله قتل المرتد فإن المرتد يقتل بالسيف بعد الاستتابة وهذا يرجم بالحجارة بلا استتابة فدل ذلك على أنه وإن نفى عنهم الإيمان فليسوا عنده مرتدين عن الإسلام مع ظهور ذنوبهم وليسوا كالمنافقين الذين كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر فأولئك لم يعاقبهم إلا على ذنب ظاهر. [واستطرد رحمه الله في بيان هذه المسألة العقدية الهامة فقال] :
وبسبب الكلام فى مسألة الإيمان تنازع الناس هل فى اللغة أسماء شرعية نقلها الشارع عن مسماها فى اللغة أو أنها باقية فى الشرع على ما كانت عليه فى اللغة لكن الشارع زاد في أحكامها لا في معنى الأسماء وهكذا قالوا في اسم الصلاة والزكاة والصيام والحج إنها باقية في كلام الشارع على معناها اللغوي

الصفحة 154