كتاب مباحث الأمر التي انتقدها شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى

الْمطلب الثَّالِث: الِاخْتِيَار فِي الْمَسْأَلَة1:
إِن الله إِذا أَمر العَبْد بِشَيْء فقد أَرَادَهُ مِنْهُ إِرَادَة شَرْعِيَّة دينية وَإِن لم يردهُ مِنْهُ إِرَادَة قدرية كونية.
فإثبات إِرَادَته فِي الْأَمر مُطلقًا خطأ ونفيها عَن الْأَمر مُطلقًا خطأ وَإِنَّمَا الصَّوَاب التَّفْصِيل:
كَمَا جَاءَ فِي التَّنْزِيل {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} 2 {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} 3 {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} 4.
وَقَالَ {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} 5 وَقَالَ {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} 6 وَقَالَ {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} 7 وأمثال ذَلِك كثير”8
فِي فصل الْخطاب أَن الْأَمر لَيْسَ مستلزماً لمشيئته أَن يخلق الربُّ الآمرُ
__________
1 - انْظُر الموافقات 3/369 - 371 وَشرح الْكَوْكَب 1/318 - 322 وشفاء الغليل 560 - 561 وَشرح العقيدة الطحاوية 1/79 - 84 وَالْبَحْر الْمُحِيط 2/350 ومذكرة الشَّيْخ الْأمين فِي أصُول الْفِقْه190.
2 - سُورَة الْبَقَرَة آيَة رقم 185.
3 - سُورَة النِّسَاء آيَة رقم 28.
4 - سُورَة الْمَائِدَة آيَة رقم 6.
وَهَذِه الْآيَات الثَّلَاث فِي الْإِرَادَة الشَّرْعِيَّة الأمرية، وَهِي الَّتِي يستلزمها الْأَمر.
5 - سُورَة الْأَنْعَام آيَة رقم 125.
6 - سُورَة الْمَائِدَة آيَة رقم 41.
7 - سُورَة الْبَقَرَة آيَة رقم 253.
وَهَذِه الْآيَات الثَّلَاث فِي الْإِرَادَة الكونية الْقَدَرِيَّة، وَهِي الَّتِي لَا يستلزمها الْأَمر.
8 - مَجْمُوع الْفَتَاوَى 11/354 - 355.

الصفحة 391