كتاب مباحث الأمر التي انتقدها شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى

ين الْمَأْمُور بِهِ والمنهي عَنهُ لَا أَن الشَّارِع أمره بِالْجمعِ بَينهمَا1 فَأمره بِصَلَاة مُطلقَة، وَنَهَاهُ عَن كَون مُطلق، وَأما الْمعِين فالشارع لَا يَأْمر بِهِ وَلَا ينْهَى عَنهُ كَمَا فِي سَائِر المعينات.
وَهَذَا أصل مطرد فِي جَمِيع مَا أَمر الله بِهِ من المطلقات، بل فِي كل أَمر فَإِنَّهُ إِذا أَمر بِعِتْق رَقَبَة مُطلقَة كَقَوْلِه {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} 2، أَو بإطعام سِتِّينَ مِسْكينا أَو صِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين3، أَو بِصَلَاة فِي مَكَان، أَو غير ذَلِك، فَإِن العَبْد لَا يُمكنهُ الِامْتِثَال إِلَّا بِإِعْتَاق رَقَبَة مُعينَة، وإطعام طَعَام معِين لمساكين مُعينين، وَصِيَام أَيَّام مُعينَة، وَصَلَاة مُعينَة فِي مَكَان معِين فالمعين فِي جَمِيع المأمورات الْمُطلقَة لَيْسَ مَأْمُورا بِعَيْنِه وَإِنَّمَا الْمَأْمُور بِهِ مُطلق، وَالْمُطلق يحصل بالمعين.
فالمعين فِيهِ شَيْئَانِ:
خُصُوص عينه، والحقيقة الْمُطلقَة.
فالحقيقة الْمُطلقَة هِيَ الْوَاجِبَة، وَأما خُصُوص الْعين فَلَيْسَ وَاجِبا وَلَا مَأْمُورا
__________
1 - انْظُر تيسير التَّحْرِير 2/219 وَشرح مُخْتَصر الرَّوْضَة 1/367 وَالْبَحْر الْمُحِيط 1/263.
2 - سُورَة المجادلة آيَة رقم 3.
3 - قَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} المجادلة 3 - 4.

الصفحة 410