كتاب مباحث الأمر التي انتقدها شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى

جنس فعله، فبه اجْتمع فِي الْفِعْل الْمعِين مَا أَمر بِهِ من الصَّلَاة الْمُطلقَة وَمَا نهي عَنهُ من الْكَوْن الْمُطلق فَهُوَ مُطِيع عاصٍ1.
وَلَا نقُول: إِن الْفِعْل الْمعِين مَأْمُور بِهِ مَنْهِيّ عَنهُ لَكِن اجْتمع فِيهِ الْمَأْمُور بِهِ والمنهي عَنهُ كَمَا لَو صلى ملابساً لمعصية من حمل مَغْصُوب.
وَقد يُقَال2: بل هُوَ مَنْهِيّ عَن الِامْتِثَال بِهِ كَمَا هُوَ مَنْهِيّ عَن الِامْتِثَال بِالصَّلَاةِ فِي الْمَكَان النَّجس وَالثَّوْب النَّجس، لِأَن الْمَكَان شَرط3 فِي الصَّلَاة، وَالنَّهْي عَن الْجِنْس نهي عَن أَنْوَاعه فَيكون مَنْهِيّا عَن بعض هَذِه الصَّلَاة، بِخِلَاف الْمنْهِي عَنهُ إِذا كَانَ مُنْفَصِلا عَن أبعاضها كَالثَّوْبِ الْمَحْمُول فالحمل لَيْسَ من الصَّلَاة.
فَهَذَا مَحل نظر الْفُقَهَاء وَهُوَ مَحل للِاجْتِهَاد4.
__________
1 - انْظُر قواطع الْأَدِلَّة 1/247 - 248.
2 - حَاصله أَن النَّهْي رَاجع إِلَى شَرط مُعْتَبر فِي الصَّلَاة لِأَنَّهَا أَفعَال تفْتَقر إِلَى أكوان فَإِذا كَانَ الْكَوْن الَّذِي هُوَ شَرط مَنْهِيّا عَنهُ دلّ على الْفساد، كَمَا لَو صلى فِي ثوب نجس، لِأَن النَّهْي رَجَعَ إِلَى شَرط مُعْتَبر.
انْظُر الْعدة 2/443.
3 - الشَّرْط: فِي اللُّغَة إِلْزَام الشَّيْء والتزامه والعلامة.
انْظُر الْقَامُوس الْمُحِيط 2/368.
وَفِي الِاصْطِلَاح مَا يلْزم من عَدمه عدم الحكم وَلَا يلْزم من وجوده وجود الحكم وَلَا عَدمه لذاته. انْظُر تقريب الْوُصُول 246.
4 - الِاجْتِهَاد: فِي اللُّغَة افتعال من الجَهد بِمَعْنى الطَّاقَة وَالْمَشَقَّة وَمن الجُهد بِمَعْنى الطَّاقَة وَالِاجْتِهَاد بذل الوسع.
انْظُر الْقَامُوس الْمُحِيط 1/286 ولسان الْعَرَب 1/708.
وَفِي الِاصْطِلَاح: استفراغ الْجهد فِي دَرك الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة.
انْظُر الْمِنْهَاج مَعَ نِهَايَة السول 4/524 والإبهاج 3/246.

الصفحة 414