كتاب مباحث الأمر التي انتقدها شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى

وَأَن الْإِجْزَاء والإثابة يَجْتَمِعَانِ ويفترقان1، فالإجزاء بَرَاءَة الذِّمَّة من عُهْدَة الْأَمر وَهُوَ السَّلامَة من ذمّ الرب أَو عِقَابه2 وَالثَّوَاب الْجَزَاء على الطَّاعَة3 وَلَيْسَ الثَّوَاب من مقتضيات مُجَرّد الِامْتِثَال، بِخِلَاف الْإِجْزَاء فَإِن الْأَمر يَقْتَضِي إِجْزَاء الْمَأْمُور بِهِ4.
لَكِن هما مجتمعان فِي الشَّرْع إِذْ قد اسْتَقر فِيهِ أَن الْمُطِيع مثاب والعاصي معاقب.
وَقد يفترقان فَيكون الْفِعْل مجزئاً لَا ثَوَاب فِيهِ إِذا قارنه من الْمعْصِيَة مَا يُقَابل الثَّوَاب كَمَا قيل “رب صَائِم حَظه من صِيَامه الْعَطش وَرب قَائِم حَظه من قِيَامه السهر”5.
فَإِن عمل الزُّور فِي الصّيام6 أوجب إِثْمًا يُقَابل ثَوَاب الصَّوْم، وَقد اشْتَمَل
__________
1 - قَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي الْبَحْر الْمُحِيط 1/318 “الصِّحَّة لَا تَسْتَلْزِم الثَّوَاب بل يكون الْفِعْل صَحِيحا وَلَا ثَوَاب فِيهِ”.
2 - انْظُر تَعْرِيفه فِي الْبَحْر الْمُحِيط2/407 و 1/319 وَشرح الْكَوْكَب 1/468 - 469 ونثر الْوُرُود 1/63 وَنِهَايَة السول 1/104.
3 - انْظُر تَعْرِيفه فِي التعريفات للجرجاني 72 والتعريفات للبركتي 244.
4 - هَذَا قَول عَامَّة الْفُقَهَاء والمتكلمين ومحققي الْأُصُولِيِّينَ.
انْظُر التَّمْهِيد للكلوذاني 1/316 ومفتاح الْوُصُول للتلمساني 31 وَشرح مُخْتَصر الرَّوْضَة 2/399 وَالْبَحْر الْمُحِيط 2/406.
5 - هَذَا حَدِيث رَوَاهُ ابْن مَاجَه 1/539 وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه 3/242 وبوّب لَهُ بقوله: بَاب نفي ثَوَاب الصَّوْم عَن الممسك عَن الطَّعَام وَالشرَاب مَعَ ارتكابه مَا زجر عَنهُ غير الْأكل وَالشرب” وَصَححهُ الألباني فِي صَحِيح التَّرْغِيب والترهيب 453.
6 - هَذِه إِشَارَة للْحَدِيث الْوَارِد فِي ذَلِك وَهُوَ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم “من لم يدع قَول الزُّور وَالْعَمَل بِهِ فَلَيْسَ لله حَاجَة فِي أَن يدع طَعَامه وَشَرَابه” رَوَاهُ البُخَارِيّ. انْظُر صَحِيحه مَعَ فتح الْبَارِي 4/93.

الصفحة 416