كتاب المباحث العقدية المتعلقة بالكبائر ومرتكبها في الدنيا

ونحو هذا ورد عن إبراهيم النخعي ومحمد بن سيرين وطاووس وغيرهم 1.
القول الثاني: إن مرتكب الكبيرة يسمى مسلماً، ويسمى مؤمناً، وإن كان ذلك ليس على الكمال، لأنه لا يخرج من هذا المسمى بسبب ارتكابه لشيء من الكبائر؛ لأن أصل الإيمان معه فهو بالتالي لا يخرج منه إلا بارتكابه لما يناقض أصل الإيمان، فمن دخل في الإيمان والإسلام استحق هذا المسمى وإن لم يستكمله.
قال محمد بن نصر المروزي:“فمن صدق بالله فقد آمن به، ومن آمن بالله فقد خضع لله وقد أسلم لله، ومن صام، وصلى، وقام بفرائض الله، وانتهى عما نهى الله عنه، فقد استكمل الإيمان والإسلام المفترض عليه، ومن ترك من ذلك شيئاً فلن يزول عنه اسم الإيمان ولا الإسلام إلا أنه أنقص من غيره في الإسلام والإيمان من غير نقصان من الإقرار بأن الله وما قال حق لا باطل، وصدق لا كذب، ولكن ينقص من الإيمان الذي هو تعظيم للقدر، خضوع للهيبة والجلال، والطاعة للمصدق به وهو الله عز وجل، فمن ذلك يكون النقصان، لا من إقرارهم بأن الله حق وما قاله صدق” 2.
وقال في موضع آخر:“إن شاربة الخمر والسارقة مؤمنة في الحكم والاسم، لا مؤمنة مستكملة الإيمان، ومستحقة ثواب المؤمنين” 3.
وقد عزا المروزي هذا القول إلى جمهور أهل السنة والجماعة وأصحاب الحديث 4.
وهذا القول الذي ذكره المروزي رحمه الله ونصره من جواز تسمية
__________
1 انظر: الروايات عنهم في الإيمان لأبي عبيد (ص:67) ، والشريعة للآجري (ص:139) .
2تعظيم قدر الصلاة (2/543)
3تعظيم قدر الصلاة (2/542) .
4المصدر نفسه (2/529) .

الصفحة 79