كتاب المباحث العقدية المتعلقة بالكبائر ومرتكبها في الدنيا

هؤلاء كفاراً بارتكابهم للكبائر لوجب قتلهم لقوله صلى الله عليه وسلم “ لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة ” 1.
وأجمع الصحابة على عدم كفر مرتكبي الذنوب، فقد روى أبو عبيد عن أبي سفيان أنه قال: “جاورت مع جابر بن عبد الله بمكة ستة أشهر فسأله رجل هل كنتم تسمون أحداً من أهل القبلة كافراً؟ فقال: معاذ الله! قال: فهل تسمونه مشركاً؟ قال: لا” 2.
فلهذا صرح أصحاب كتب العقائد بذلك في عقائدهم فقال الطحاوي رحمه الله: ”ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله” 3.
وقال الحكمي رحمه الله:
ولا نكفر بالمعاصي مؤمناً إلا مع استحلاله لما جنى4.
وقد أجاب العلماء عن معنى الكفر الوارد في الأحاديث السابقة وشبهها بعدة أجوبة:
الجواب الأول: أن الفعل الوارد فيه لفظ الكفر إنما ذكر هكذا لأنه يؤول
__________
1 أخرجه م. القسامة (3/1302) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
2 الإيمان لأبي عبيد ص98 قال الألباني في التعليق: إسناده صحيح على شرط مسلم وعزاه في مجمع الزوائد (1/107) إلى أبي يعلى والطبراني وقال: رجاله رجال الصحيح، وانظر التمهيد لابن عبد البر (9/251) .
3 شرح العقيدة الطحاوية ص316. وقوله (بذنب ما لم يستحله) بين شارح الطحاوية رحمه الله أن قول الطحاوي رحمه الله ليس على إطلاقه، لأن من الذنوب ما يكون كفراً، كالسجود للصنم، والاستهزاء بالله، والسحر، وترك الصلاة عند كثير من السلف. فالصواب أن يقال: ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بكل ذنب.
4 معارج القبول (2/300) .

الصفحة 90