كتاب المباحث العقدية المتعلقة بالكبائر ومرتكبها في الدنيا

بفاعله إلى الكفر، وذلك لأن المعاصي كما قالوا: بريد الكفر، ويخشى على المكثر منها أن يكون عاقبة شؤمها المصير إلى الكفر.
الجواب الثاني: أنه أطلق عليه ذلك من باب المبالغة في التحذير والزجر عن الفعل1.
الجواب الثالث: أنه أطلق عليها ذلك لأنها من الأخلاق والسنن التي عليها الكفار والمشركين.
الجواب الرابع: أنه محمول على المستحل لذلك.
الجواب الخامس: أن المراد به الكفر إلا أنه ليس الكفر المخرج من الملة، وإنما هو كفر دون كفر وهو من الكفر العملي الذي لا يخرج صاحبه من الإسلام.
وهذا الأخير أرجحها، لأن الأدلة قد دلت على أن لفظ الكفر ومثله الظلم والفسق والشرك قد وردت في الشرع على معنيين أكبر وأصغر، فمما ورد في الظلم ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه لما نزل قوله تعالى {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} الأنعام 82. شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس كما تظنون، إنما هو كما قال لقمان لابنه {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} 2.
فهنا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن للظلم معنيان: ظلم أكبر: وهو الشرك، وظلم أصغر: وهو ظلم العبد لنفسه بالذنوب.
__________
1 وقد سبق بيان ما في هذا القول من الخطأ انظر ص 87.
2 خ. الإيمان ب. ظلم دون ظلم، انظر فتح الباري (1/87) ، م. الإيمان. ب صدق الإيمان وإخلاصه (1/115) .

الصفحة 91