كتاب حكم إخراج زكاة الفطر قيمة (نقدا)

وارتفاعاً، فالحاجة إليها بغض النظر عن قيمتها النقدية، وأما رأي معاوية رضي الله عنه فهو رأي شخصي له ولم يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدل على غلاء البر في ذلك الوقت، فلو طبقنا رأيه الآن في وقت يعادل فيه ثمن صاع من التمر أضعاف ثمن البر هل سنعود إلى اعتبار صاع من التمر يعادل أكثر من صاع من البر؟، هذا الأمر يثبت أن فرض الصاع من الأقوات المذكورة لم ينظر إليه قيمة بل مكيالاً، وهو توقيفي فالمكيلات والعدديات في العبادات لا يجوز إدخال التعديل عليها بتبدل الأزمان والأحوال، فلا يجوز لأحد أن يخرج عما حدده رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى لا ينقلب التشريع من تشريع الهي إلى تشريع بشري مزاجي تتلاعب به الآراء.
وكما جاء في فتح الباري: "وفي حديث أبي سعيد ما كان عليه من شدة الإتباع والتمسك بالآثار وترك العدول إلى الاجتهاد مع وجود النص، وفي صنع معاوية وموافقة الناس له على جواز الاجتهاد، وهو محمود، لكنه مع وجود النص فاسد الاعتبار" 1 والجمهور يجيبون عنه بأنه قول صحابي وقد خالفه أبو سعيد وغيره من الصحابة، وإذا اختلفت الصحابة لم يكن قول بعضهم بأولى من بعض فنرجع إلى دليل آخر ووجدنا ظاهر الأحاديث والقياس متفقان على اشتراط الصاع من الحنطة كغيرها2.فالمقصود بالطعام البر أو ما يسمى الحنطة أو القمح، لأن معنى الطعام كل ما يتخذ منه القوت من الحنطة والشعير والتمر، ويطلقه أهل الحجاز والعراق على البر خاصة. قال خليل: إن العالي في كلام العرب أن الطعام هو البر خاصة3.
__________
1 فتح الباري بشرح صحيح البخاري، كتاب الزكاة، 3/374.
2 صحيح مسلم، كتاب الزكاة، 7/61.
3 القاموس الفقهي لغة واصطلاحاً، 229.

الصفحة 264