كتاب حكم إخراج زكاة الفطر قيمة (نقدا)

والحقيقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشرع لوقت دون آخر فالإسلام قابل للتطبيق في كل زمان ومكان ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشَّر أمته بأن الدنيا ستفتح عليهم وبشر سراقة بسواري كسرى وبفتح المدن الواحدة تلو الأخرى ولم يمض وقت طويل حتى فاض بيت مال المسلمين بالأموال من جميع الأصناف الذهب والفضة، ودليل ذلك أن عمر رضي الله عنه فرض للمهاجرين والأنصار ممن شهد بدراً خمسة آلاف خمسة آلاف، وفرض لمن كان إسلامه كإسلام أهل بدر ولم يشهد بدرا أربعة آلاف أربعة آلاف وفرض لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم إثنى عشر ألفاً إثنى عشر ألفاً، وكذلك فرض للعباس، وفرض لأسامة أربعة آلاف، وفرض لعبد الله بن عمر ثلاثة آلاف، وفرض لأبناء المهاجرين والأنصار ألفين، وفرض لنساء المهاجرين والأنصار ستمائة.
وحمل أبو هريرة وأبو موسى الأشعري إلى عمر أموالاً كثيرة متنوعة ولم يقتصر الأمر على الدراهم والدنانير، فعن الزهري عن سعيد رضي الله عنه قال: لما قدم على عمر رضي الله عنه بأخماس فارس قال: والله لا يجنها سقف دون سماء حتى أقسمها بين الناس..... فأمر بالجلابيب فكشفت عنها فنظر عمر إلى شيء لم تر عيناه مثله من الجوهر واللؤلؤ والذهب والفضة فبكى1.
من ذلك نرى أن صدر الإسلام شهد تدفقاً نقدياً على حاضرة الإسلام مما يثبت أن الصحابة كانت لديهم الأموال ولكنهم لم يدفعوا صدقة الفطر نقداً.
يقول الشيخ عبد العزيز بن باز "ومعلوم أنه في وقت هذا التشريع وهذا الإخراج كان يوجد بيد المسلمين وخاصة مجتمع المدينة ـ الدينار والدرهم اللذان هما العملة السائدة آنذاك ولم يذكرهما صلوات الله وسلامه عليه في زكاة الفطر، فلو كان شيء يجزئ في زكاة الفطر منهما لأبانه صلوات الله وسلامه عليه، إذ
__________
1 الخراج، 46-51.

الصفحة 266