كتاب حكم إخراج زكاة الفطر قيمة (نقدا)

إن النبي صلى الله عليه وسلم فرض أجناساً متعددة، متفاوتة في القيمة، فلم يجز العدول عنها، كما لو اخرج القيمة وذلك لأن ذكر الأجناس بعد ذكره الفرض تفسير للمفروض، فتكون هذه الأجناس مفروضة، ولأنه إذا أخرج غيرها عدل عن المفروض، المنصوص عليه فلم يجز، كإخراج القيمة، وكما لو أخرج عن زكاة المال من غير جنسه كمن أخرج زكاة البقر غنماً، والإغناء يحصل بالإخراج المنصوص عليه1.
إن الزكاة وجبت لدفع حاجة الفقير وشكر الله على نعمة المال والحاجات متنوعة، فينبغي أن يتنوع الواجب ليصل إلى الفقير من كل نوع ما تدفع به حاجته، ويحصل شكر النعمة بالمواساة بجنس ما أنعم الله عليه به، ولأن مخرج القيمة قد عدل عن المنصوص فلم يجزئه، كما لو أخرج الردىْ مكان الجيد وحديث معاذ رضي الله عنه الذي رووه عن الجزية بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بتفريق الصدقة في فقرائهم ولم يأمره بحملها إلى المدينة2.
إن الزكاة قربة إلى الله وكل ما كان كذلك فسبيله أن يتبع فيه أمر الله تعالى، فما يجب لله بأمره يجب الإتباع، مثال ذلك، لو قال إنسان لوكيله اشتر ثوباً، وعلم الوكيل أن غرضه التجارة، ولو وجد سلعة هي أنفع لموكله لم يكن له مخالفته، وإن رآه أنفع3، كذلك لا يجوز في الزكاة إخراج قيمة الشاة والبعير، لأن ذلك خروج عن النص، وعلى معنى التعبد، والزكاة كالصلاة.
إن الشرع نص على بنت مخاض، وبنت لبون، وحقه، وجذعة، وتبيع، ومسنة، وشاة، وشياه، وغير ذلك من الواجبات، فلا يجوز العدول، كما لا يجوز في الأضحية ولا في المنفعة ولا في الكفارة، وغيرها من الأصول، حيث
__________
1 المغني، 3/63.
2 المغني، 3/66.
3 المجموع، 5/385.

الصفحة 281