كتاب التوسل في كتاب الله عز وجل
الله عز وجل، إنه توسل بولاية الله عز وجل لعبده، وبصفة غفرانه عز وجل لذنوب عباده، وتجاوزه عن سيئاتهم.
ثم دعا الله عز وجل أن يكتب لهم في هذه الدنيا حسنة، وحسنة الدنيا تشمل كل ما يَسُرُّ الإنسان ويرتفق به، ويحتاجه الإنسان مما هو طيب صالح، وأن يكتب لهم في الآخرة حسنة، وحسنة الآخرة الجنة وما فيها من النعيم المقيم، والسعادة الأبدية، وتوسل إلى الله عز وجل بقوله {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْك} أي تبنا إليك، ورجعنا إليك، نادمين على ما وقع منا ومن سفهائنا، فلا تؤاخذنا بسيئات أعمالنا، ولا بتقصيرنا وتفريطنا.
إنه لتوسل من أعظم أنواع التوسل الصحيح إلى الله عز وجل، إنه توسل بولاية الله تعالى، أي توليه لعبده وإعانته له، وهو توسل بكونه محبوباً لله عز وجل؛ إذ لا ولاية بغير محبة، وهو توسل بصفة غفران الله عز وجل لذنوب عباده، وتجاوزه عن سيئاتهم، فهو خير من يغفر لعباده، وتوسل بالتوبة والعودة إليه، وترك ما لا يريده ولا يحبه عز وجل، وقد بدأ دعاءه بالتوسل برحمته كذلك، فما أعظمه من توسل، وما أجمله وما أحسنه، وما أحراه بالإجابة.
__________
1 البقرة: 127-129
توسل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام
...
هذا وإن من المواقف المؤثرة الدالة على التوسل الصحيح المقبول موقف إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام عند ما أخذ إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام يرفعان قواعد البيت، ويبنيانه امتثالاً لأمر ربهما، فإنهما انتهزا فرصة هذا العمل المبارك الكريم الذي يعد من أعظم القربات وأفضل الطاعات، توسلا إلى الله عز وجل بها إذ أخذا يقولان: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} 1 أي تقبل منا يا ربنا هذا العمل الصالح الذي أمرتنا به، وسارعنا إلى امتثاله، فتقبله منا، فإنك يا ربنا أهل لإجابة دعائنا لأنك أنت السميع لدعاء عبادك، العليم
الصفحة 43
502